|
هو رائد تجربة واضحة اخذت معالمها بالتشكل.. واستاذ جيل نشأ وترعرع هذا الجيل على خطاه.. وهو صاحب الصوت الخفي في انفاس قصائد كل من اتى بعده ونهل من معينه الشعري والادبي الصافي الذي لا ينضب.. وهو الذي لابد أن يترك بصمته فيؤثر على نهج مرتادي شعره من الشعراء والادباء بشكل عام. وبدر بن عبدالمحسن الذي لا اخفي اعجابي الشديد بشعره، اعتقد بانه لا يكفيه ما يكفي غيره من الصفحات المطرزة بالنقد.. ولذلك سأحاول لجم عنان صوت العاطفة لدي في دراستي النقدية لنتاجه لتكون الدراسة عملية وعلمية ومقبولة وسأفرد له من الصفحات بقدر جهدي المتواضع امام تجربته الثرية.. واعتذر مقدماً عن القصور في تغطية كافة جوانب هذا المبدع العملاق الفنية، ومع علمي وادراكي بأنه تقصر قامة قلمي عن الاحاطة لدرجة الاشباع الا أنني اتمثل المثل القائل :(ما لا يدرك كله لا يترك جله) وعليه استعين بالله تعالى ثم بما امتلكه من ادوات نقدية اثق بصدقها وصحتها وسلامتها.
فكما قلنا سابقاً وكما تقوله هذه الابيات (انه صاحب الصوت الخفي في قصائد كل من اتى بعده.. ولكن الجملة التي يجب ان نقف عندها طويلاً هي قوله:
فالمتأثرون بشعره ينقسمون إلى نوعين احدهما باهت الموهبة وقاصرها فهو (الغبار) وتكفي كلمة (الغبار) للتعبير التام عن هذا النوع.. اما النوع الآخر فهو (العطر) وتكفي ايضاً دلالة (العطر) للتعبير التام عن هذا النوع.. و(كفى الله النقاد الوصف) فقد اجاد البدر في وصف الشعراء الذين يظهرون من عباءته كل يوم ويتتبعون خطاه عندها اصاب من الوصف ابلغه. فمن هو هذا الشاعر العظيم ومن يكون؟ وهنا نترك الاجابة له فهو خير من يجيب: البكاء. يترك في قاع العين حمرة.. تتلاشى بعد حين.. لك أن (تغضبين).. من أكون..؟؟ .. ما هي حدود الموقع الذي احتضن ميلاد شاعرنا .. يقول: من الشمال هضاب.. ومن الجنوب وادي.. ومن بينهن (كذبة) .. القرية العذبة.. طين ونخل وقباب سور بلا ابواب (سور بلا ابواب) كما هو فكر شاعرنا فضاء بلا حدود.. يرحل في كل الاتجاهات إلى المقاصد والغايات.. لذلك فمهما حلقنا ففضاؤه اوسع. ومتى ولد شاعرنا الكبير.. اننا لسنا اعلم منه بنفسه، فهو يقول: واظن ميلادي.. ما له زمن وكتاب لكن ولدت فيوم.. وولادتي صعبة قالوا: سنة من غاب.. مات.. او رحل (شرشاب) .. وبعد ان شب شاعرنا ونضجت لديه الموهبة.. يا ترى إلى أين يتجه نظره، انه يجيب:
ونتساءل ايضاً هل شاعرنا محلق بجنحان الابداع كالطير..؟ ان لشاعرنا اجابة على هذا السؤال ينفي ذلك، فرؤيته لنفسه وابداعه اعمق من نظرتنا السطحية التي تفهم الابداع بأنه تحليق وان التحليق لابد له من اجنحة.. مما يؤدي إلى أن نتصور أن شاعرنا يحلق باجنحة غير مرئية.. لذلك شاعرنا يصحح هذه النظرة بقوله: وين جنحانك؟ (وقد استفزه هذا السؤال فاجاب): وين جنحاني؟!! وطحت.. طحت من أعلى غمامة أنا مدري مريت بين اصابعك رمل.. أو على خصلات شعرك.. ماء.. كانت غبار وظلماًَ وكنت اطيح.. وهذا آخر ما اتذكر.. وين ظنك.. ب تجرح.. وانكسر.. ف أي رمل.. أي صخر.. أو عدامة.. فتحليق شاعرنا ليس هو بصورته السطحية التي نظنها، بل له حركة وانسياب ولطف مرور الرمل الناعم بين الاصابع.. وله خفة ولطف مرور الماء وملامسته لخصلات الشعر. |
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |