|
لم أكن أبداً مؤمناً بالحب من النظرة الأولى، وإن كان السؤال أيضاً هل أؤمن بالحب ابتداءً، أقول لم أكن أؤمن بالحب من النظرة الأولى حتى حدثت لي قصة عاصفة عشت فصولها في الأيام القليلة الماضية. سأحاول في السطور القادمة أن أسجل شيئاً منها. * الرياض
أمين معلوفسمرقند أمين معلوف هو أشهر كاتب عربي يؤلف رواياته باللغة الفرنسية، وهو الكاتب العربي الثاني الذي نال جائزة جونكور في الأدب بعد الكاتب المغربي الطاهر بن جولون. وأهمية كتابات أمين معلوف انه راح في رواياته الأولى يتوغل في التاريخ الإسلامي ويقدم للقارئ العالمي صفحات مشرقة من التاريخ الإسلامي، ومن بين هذه الروايات هناك «ليون الأفريقي» المنشورة عام 1987 ثم «سمرقند» المنشورة عام 1992 والتي نال عنها جائزة جونكور كما ان له روايات أخرى مثل «حدائق النور». ورواية «ليون الأفريقي» تدور حول أشهر رحالة عربي إلى أوروبا في القرن السادس عشر الميلادي أما رواية سمرقند فهي حول الشاعر المسلم المعروف عمر بن الخيام الذي عاش في أوزبكستان وهو الذي عاش بين عامي 1048 و1131 ميلاديا في هذه المنطقة. انه شاعر عاش بين مرحلتي التساؤل والإيمان وكتب الشعر الماجن ثم اختار التصوف الإسلامي كسبيل وحيد للهداية. والرواية التي كتبها معلوف تدور بين عصرنا الحاضر والقرن الثاني عشر، ففي بداية القرن العشرين يعثر بحار مسلم يدعى «عمر» على مذكرات عمر الخيام وسط أنقاض الباخرة «تايتانيك» أما الجزء الغالب من الرواية فيدور حول الصداقة التي ربطت بين الخيام وصديقه حسن الوزان. ففي هذا العصر دار صراع بين نظام الحاكم وبين حسن الوزان، صراع أدى إلى تدمير الامبراطورية السلجوقية، امبراطورية ملك شاه، التي كانت تمتد عبر آلاف الأميال من الصين شرقا، وحتى حدود البحر المتوسط غرباً. وحسن الوزان الذي تولى حكم سمرقند في عصر عمر الخيام حسب الرواية التي كتبها أمين معلوف رجل دولة من الطراز الأول ومفكر سياسي انه رجل حكم امبراطورية ودون نظراته في الحكم كان مصلحا وفي بعض الأحيان ذاجبروت، وقد صنعت هذه الأشياء من حسن الوزان ثائراً من خلال مفهوم ديني.وهذا الرجل الذي صنع لمدينة سمرقند قد تحول من ثائر إلى حاكم فتنازع معه الخيام بدوره لكنه لم يشأ ان ينظر إلى عرش الحكم. والكاتب لم يتوقف عند الحياة الخاصة للشاعر عمر الخيام بقدر ما تحدث عن الثائر في وجه الظلم لذا فان الكاتب يقول لم أحاول عمدا ان أقحم الحاضر في أحداث الماضي طبعا لم يغب عن بالي ان هناك تشابها وتلاقيا بين الماضي والحاضر لكنني في روايتي لأحداث التاريخ الاسلامي حاولت ان أفهم الشخصيات التي وراءها من الداخل وقد وجدت تشابها متعدد الجوانب بين ضحايا نظام حسن الوزان وبين ضحايا نظام شاه ايران. محمود قاسم
***جون لوكاريه John Le Caree الطبالة الصغيرة جون لوكاريه كاتب بريطاني معاصر يعتبر من أشهر كتاب روايات التجسس في العالم، وأغلب رواياته تحولت إلى أفلام ومسلسلات تلفزيونية، كما أنها تحقق أرقام مبيعات عالية للغاية، إذاً، فنحن أمام كاتب مقروء في لغات عديدة منها اللغة العربية، ومن بين رواياته «الجاسوس الذي أتى من الصقيع»، و«المنزل الروسي»، و«جاسوس نقي»، وغيرها. وهذه الروايات تدور حول دور الاستخبارات في بلاد عديدة، وعندما قامت إسرائيل بغزو لبنان في أوائل الثمانينيات سافر الكاتب إلى جنوب لبنان، والتقى بالعديد من أبناء الشعب الفلسطيني ليعرف الهوية الفلسطينية عن قرب، كما سافر إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، وعاد إلى بلاده ليكتب أول رواية تجسس عن فلسطين، والصراع العربي الإسرائيلي، وفي هذه الرواية بدأت صورة الفلسطينيين في التغير كثيراً عنها في الأدب العالمي المكتوب قبلها، خاصة الروايات الواسعة الانتشار. تدور الأحداث حول اثنين من الأشقاء ينضمان إلى منظمة فتح، ويعملان على ان يضجا مضاجع الإسرائيليين خاصة في العواصم الأوروبية، وعليه فإن الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» تقوم بتجنيد ممثلة بريطانية شابة تدعى تشارلي من أجل ان توقع بأحد الشقيقين كي تتم معرفة مكان أخيه. ويتم تدريب الفتاة على أداء مهمتها وتتعرف على المناضل خليل، الذي تسعى الموساد لاصطياده وتقترب منه فتراه مسلماً طيباً، أمامه قضية مهمة في حياته هي قضية وطنه المغتصب، وتتوغل أكثر في حياته، ومن أجل ان يثبت لها صدق مشاعره فإنه يرسلها إلى أسرته التي تقيم في المعسكرات الفلسطينية في عين الحلوة. وبالفعل فإن تشارلي تسافر إلى المعسكر، وتقابل أهل الشاب، وترتبط بشقيقته فاطمة بصداقة، وترى كيف يعيش الفلسطينيون في ظروف شديدة القسوة في المعسكر، انهم قوم مسالمون بلا أرض، أو وطن يعيشون على الكفاف في أقسى الظروف التي عرفها البشر. يصف الكاتب رحلته إلى نفس المعسكر، وكيف أقام العرب هناك حياتهم، وذلك من خلال مشاهدات تشارلي التي صادقت الأطفال في المعسكر، ورأت في أعينهم نفس العيون البريئة التي يمتلكها خليل، وراحت تردد في داخلها: سوف يولد آلاف من خليل في المستقبل. وتلاحظ تشارلي مدى تقديس الفلسطينيين لعقائدهم سواء كانوا من المسلمين أو المسيحيين، وعندما تغادر المعسكر عائدة إلى اليونان، حيث ينتظرها خليل، تكتشف انها كانت في منتهى القسوة حين سمحت لنفسها ان تتجسس على قوم أحبوها، وكانوا في منتهى الكرم معها، رغم ظروفهم القاسية، وتكتشف انها أحبت خليل. وتحكي الرواية ان الاستخبارات العسكرية كانوا في أثرها، وانهم تتبعوها إلى المنزل الذي يسكن فيه خليل، فيقتلونه أمام عينيها، ويقدمون لها مكافأتها التي ترفضها، ولا تتوقف عن البكاء لما سببته للشاب الفلسطيني، لكنها ما تلبث ان تتذكر الأطفال الذين قابلتهم في المعسكر الفلسطيني، وتردد «إذا كانوا قد قتلوا خليلاً، فسوف يأتيهم ألف خليل». هذه الرواية مكتوبة قبل الانتفاضة بأربع سنوات على الأقل، وتحولت إلى فيلم أمريكي من بطولة ديان كيتون. *** روبرت هيتشنز Robert Hechens بيللا دونا (ست الحسن) الكاتب البريطاني روبرت هيتشنز هو مؤلف للعديد من الروايات العاطفية، وكان أبطال هذه الروايات يتنقلون من بلد لآخر من أجل ان يعيشوا أجمل لحظات الحب، ومن هذه الأماكن كانت مصر حيث دارت أحداث رواية «بيلا دونا» التي صدرت ترجمتها العربية الكاملة في سلسلة «مطبوعات كتابي» التي كان يصدرها حلمي مراد. وهذه الرواية تدور أحداثها في مصر من خلال رحلة تقوم بها امرأة بريطانية مع زوجها إلى صعيد مصر، تدعى السيدة شيبسون، ويناديها الآخرون باسم ايطالي هو «بيلا دونا» أو «ست الحسن»، وفي مصر تتعرف المرأة على الشاب محمود بارودي، فتولع به حباً، رغم انها متزوجة من رجل عجوز جاء معها إلى مصر، ومع ذلك فلديها الميل ان تخونه مع بارودي. والكاتب يصور الشاب بارودي هنا بشكل سلبي، ولا يعني هذا ان أمثاله غير موجودين في بلادنا، ولكن من المهم ان نرى كيف ينظر الكاتب إلى المسلمين في الروايات، فالشاب المصري ينظر إلى المرأة على انها واحدة من بنات الحريم حتى وان كانت من ثقافة مختلفة، والغريب ان المرأة توافق على ذلك وتخبره انها ستنفصل عن زوجها من أجله. بارودي هذا شاب صعيدي له مفاهيمه الخاصة، فهو يحب النساء الغربيات، وفي مقابل هذه الشخصية السلبية فإن الكاتب يتحدث عن شخصية أخرى ذات وجه مشرق، ففي مقابل بارودي الذي يبيع نفسه للسائحات، فإن هناك ضابطاً شاباً في الجيش المصري تأتيه رسالة من صديق بريطاني يعمل طبيباً يدعى «ماير»، ويطلب منه منع حدوث جريمة، فالمرأة تسعى لقتل زوجها عن طريق انهاكه طبياً، ولأن الزوج العجوز يعالج عند «ماير»، فإن الضابط المصري الشاب واسمه مصطفى، يحاول ابعاد الوغد بارودي عن المرأة البريطانية. ومصطفى هذا شاب متدين لا يقرب المنكر، ويكره الحرام، ويؤدي الشعائر الدينية، ويحب وطنه، ويرى ان أمثال بارودي هذا يسيئون للدين، وللوطن، كما انه يتمتع بروحانية الشرق، كما يقول الكاتب، هذه الروحانية التي لا تمنعه من حب الحياة. ولذا، فإن مصطفى يساعد صديقه الطبيب البريطاني في انقاذ الزوج العجوز من موت مؤكد، وعندما يضمن ان الرجل صار في منطقة الأمان، فإنه يتجه إلى الزوجة من أجل اعادتها إلى صوابها، لكن المرأة تظل على غيها إلى ان تكتشف ان بارودي تركها من أجل امرأة شرقية، فتصاب بصدمة. أهمية هذه الرواية انها عمل كلاسيكي مقروء، لا تصور المسلمين كأنهم جميعاً من الملائكة، بل هم مثل كل البشر، فيهم الانتهازي، ومنهم الشخص النبيل، الذي يضع المبادئ أمام عينيه، وهو يمشي قدماً في الحياة. وعيب الرواية بالطبع ان البطل الرئيسي في الرواية هو محمود بارودي، وليس الضابط مصطفى، كما ان المرأة الخائنة قد نالت جزاءها في الحياة بأن فقدت كافة ظلالها، أما بارودي فقد استمر في غيه دون عقاب من أي نوع. *** لوي جارديل Louis Gardel قلعة ساجان Fort Sagan الكاتب الفرنسي لوي جارديل مولود في مدينة الجزائر عام 1939، وهو ينتمي إلى ثقافة الأقدام السوداء أي هو من الفرنسيين الذين تربوا في الجزائر وعقب الاستقلال اكتشفوا ان لهم وطناً آخر عليهم الرحيل إليه. بدأ حياته الأدبية برواية «الصيف الصاخب» عام 1973، ثم «سكين الحرارة» عام 1976، وقلعة «ساجان» عام 1980، و«الدور الجميل» عام 1986. وقد ذاعت شهرة الكاتب عقب تحويل روايته «قلعة ساجان» عام 1984 إلى فيلم وهي رواية تدور في الصحراء حول المواجهة الحضارية بين الفرنسيين، والجزائريين، فشارل ساجان هو دون كيشوت الصحراء، تحولت طواحين الهواء، بالنسبة له، إلى سرابات الرمل التي لا تقترب أبداً، يحلم بامتلاك تلك المساحات الواسعة الممتدة أمامه من الرمال التي لا يسكنها أحد فلا يمكن للبصر ان يبلغ مداها. والرواية بمثابة مواجهة بين حضارتين متناقضتين، فساجان يحلم ان يمتلك الصحراء، لكن السلطان محمود يقف له بالمرصاد، انه رجل فقد سلطانه، مثلما حدث لأجداده منذ ان جاء المحتل الفرنسي، وهو لا يسعى للحصول على أرضه بقدر ما يمنع ساجان من امتلاك الرمال، ويردد: «هذه الأرض ملك لله عز وجل، ولن تفيدك في شيء، انها أكبر منك، ومن حدود مداركك». وبالفعل، فإن كلمات السلطان محمود الروحانية ترن في أذن ساجان، ويقرر ان يرسل إلى اخيه، المقيم في باريس، كي يحضر إلى الصحراء، لاقتسام الصحراء فيما بينهما، لكن السلطان المؤمن بالله يضحك، ويردد ان الصحراء ملك لله، وهبها للمؤمنين من أجل التعبد تحتها، وللتأمل في سمائها الصافية، واكتساب المزيد من المشاعر الروحانية. لكن شارل ساجان يحلم ان يبني قلعة، في وسط الصحراء، وان يضع عند أسوار القلعة الحرس من أجل حمايتها، ومن جديد فإن السلطان محمود يبتسم، وتعبر هذه الابتسامة عن دهشة حقيقية من حضارة الامتلاك التي تمثلها فرنسا، ويقول لساجان: لا استطيع ان أمنعك، ان اردت ان تأخذها فهي ليست ملكا لي. ويبدأ ساجان في بناء القلعة التي ينشدها، ويحاول ان يجعلها بالغة القوة، وبعد ان ينتهي من البناء يدعو السلطان محمود، الذي يقول له: ألا ترى انها واسعة للغاية. ويرد ساجان ان القلعة أشبه ببيت أشباح، فلا أحد يود الحضور إلى هنا للعيش فيها، ويتخذ القائد العسكري هذا زوجة فرنسية تأتي للعيش معه، لكنها لا تحتمل هذا الصمت الرهيب، وعندما يأتي السلطان محمود يردد: صدقوني الصحراء تتكلم، لكن ليست اللغة التي ترددونها، انها لغة لا يفهمها سوى من اعتادوا على عبادة الله تحت سمائها. ويشعر ساجان بالهزيمة، ويقرر ان يرحل عن الصحراء وان يترك قلعته، هذه القلعة التي غطتها الرمال بمرور الزمن وتحولت إلى كثبان من الرمال، لعلها تحمل معها القلعة إلى حيث تطير. |
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |