محمد فؤاد زيد الكيلاني
بعد أن وضعت الحرب على غزة أوزارها بشكل مؤقت كما جاء على لسان خبراء الحرب، وكانت نتائجها مهولة بشكل لم يسبق في التاريخ الحديث بأن حصل مثل هذا الدمار على شعب أعزل كالذي حصل في غزة، وكانت نتائجه عشرات الألوف من الشهداء والجرحى والنازحين في فترة زمنية لا تتجاوز الخمسين يوماً.
اتضح من خلال هذا الهجوم البربري النازي من قبل هذا الكيان الغاصب بأن الموضوع ليس ما حصل في السابع من أكتوبر بل الأمر أكبر وأعمق من ذلك، فمعظم تصريحات النتن ياهو كانت تتحدث عن ما جاء في كتاب أشعيا فاعتبره المنهاج الذي يدير هذه الإبادة الجماعية، وفي تصريحات أخرى يقول إن التوراة تحضه على الاستمرار في هذه المعركة الدموية غير المسبوقة، فكانت هذه الإستراتيجية المتبعة في هذه المعركة ونتائجها الكارثية.
لو تتبعنا ما حصل في السنوات الأخيرة لوجدنا أن هناك طقوساً للحرب الكبيرة الذي ينتظرها هذا الكيان، وبدأ بالتجهيز لها منذ زمن ليس بالبعيد، فكانت آماله بالسيطرة على القدس ومنع المسلمين من الصلاة فيه، والقمع كان واضحاً جداً في الفترة السابقة، وانتشرت على مواقع الأخبار العالمية بأن هذا الكيان كان يبحث عن البقرات الصفر ليقوم بجرها إلى باحات المسجد الأقصى كما جاء في كتب الدين التي تخصهم ويعتبروها منهاجاً لهم.
هذا من جهة ومن جهة أخرى النفخ في البوق إيذاناً للحرب، فكان هذا الذي حصل داخل أروقة الأقصى، وتطبيق كل طقوس الحرب التي من خلالها يمكنهم السيطرة على القدس وإقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى وبناء الهيكل المزعوم.
وغير ذلك الكثير من طقوس الحرب من خلال رقصات الحرب التي تمت في الفترة السابقة، وتقسيم القدس ومحاولة الاستيطان وقضم أراضي القدس وتوزيعها على قطعانهم، والمصادقة عليها من قبل الحكومات المتعاقبة، فمن هنا اعتبروا بأن الإذن بالحرب قد جاء وبدأ ليكون لهم دولة مستقلة على أراضي الغير وتحديداً فلسطين، فهذه الأطماع بدأت تتزايد بعد الدعم الغربي الكبير واللامحدود من أجل تحقيق حلمهم على أنقاض الشعب الفلسطيني الأعزل.
هذه الحرب تعتبر مصيرية بالنسبة لهذا الكيان فعنوانها (أكون أو لا أكون)، فمن هنا يجب أن نتنبه إلى المخطط الصهيوني الكبير، فبعد انتهاء الجولة الأولى من هذه الحرب لم يتحقق أي هدف سياسي أو عسكري بسبب صمود شعب غزة ومقاومتها بوجه هذا المخطط الفاشل، فالإستراتيجية المتبعة في هذه المعركة تحطمت على صخرة صمود هذا الشعب المؤمن بقضيته وأرضه.
في نهاية المطاف أثبتت هذه الحرب بأن القوة المفرطة التي سادت في هذه المعركة، لا تقدم ولا تؤخر أمام صمود هذا الشعب المحب لأرضه والشهادة، بعكسه تماماً فهو يحب الحياة، فالطابع الديني الذي بنيت عليه هذه الحرب فشل فشلاً واضحاً ولا لبس فيه، وبعد انتهاء هذه الهدنة عاد هذا الكيان بشكل أوسع وأكبر من قبل فتفاجأ بالصمود الكبير للشعب الفلسطيني وتضحياته.
** **
- كاتب أردني