فضل بن سعد البوعينين
للخطاب الملكي السنوي أهمية بالغة، لمجلس الشورى، والمواطنين والمجتمع الدولي، حيث يعتمده المجلس منهاجًا لأعماله ولرسم ملامح المرحلة المقبلة والاعتماد عليه في أداء مهامه، ويطلع من خلاله المواطنون على تطورات الحراك الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والسياسات الداخلية المؤثرة في حياتهم المعيشية، وما ارتبط منها بالتنمية، إضافة إلى التوجهات الحكومية المستقبلية المؤثرة على القطاع الخاص والموجِهَة لأنشطة القطاع وتدفقاته الاستثمارية. في الوقت الذي ينتظره المجتمع الدولي لمعرفة مواقف المملكة تجاه القضايا الإقليمية والعالمية، وسياستها الخارجية.
استعرض الخطاب الملكي السنوي الذي ألقاه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، السياستين الداخلية والخارجية، وما تحقق من نهضة تنموية وفق رؤية السعودية 2030.
إنجازات نوعية شاملة، نجحت المملكة في تحقيقها خلال فترة زمنية قصيرة، محققة بذلك نهضة تنموية غير مسبوقة، وصفها سمو ولي العهد في تصريحات سابقة مع قناة «فوكس نيوز» الأمريكية بأنها «أعظم قصة نجاح في القرن الـ21».
استعرض سموُّه، بلغة الأرقام الدقيقة التي يعتمدها دائما ويخاطب بها الرأي العام، بعضًا من الإنجازات التنموية المتحققة خلال العام الماضي، ومن أهمها تقدم المملكة في أكثر من 50 % من مؤشرات التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وتطور الاقتصاد السعودي ليكون الأسرع نمواً، على مستوى دول مجموعة العشرين في عام 2022م، بمعدل 8.7 %، ونمو الناتج المحلي غير النفطي، الذي يعد المؤشر الأهم للحكومة، بنحو 4.8 %. القطاع السياحي كان من أهم القطاعات التي حققت نموا كبيرا خلال الربع الأول من عام 2023م بنسبة 64 %، وهو نمو تاريخي يؤكد نجاح برامج الرؤية في تحقيق مستهدفاتها في القطاع السياحي والقطاعات الأخرى على حد سواء.
أسهمت الإصلاحات الاقتصادية والمالية في تحقيق نتائج إيجابية، كما أسهمت في تعزيز المركز المالي للمملكة، واستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية النوعية في قطاعات مختلفة وفي مقدمها قطاع التعدين، الصناعة، الطاقة والسياحة.
رسائل مهمة وجهت إلى الداخل من خلال استحضار الخطاب الملكي للإنجازات الاقتصادية، ومنها حجم النجاح المتحقق خلال الفترة الماضية، وفق المؤشرات العالمية، وهو نجاح سينعكس على جميع قطاعات الدولة، ومعيشة المواطنين، خاصة وأنها تحدثت بلغة الأرقام، ومدعمة بشهادة المنظمات الدولية، ومقارنة بأداء مجموعة العشرين، التي تُعد المملكة من أركانها.
إشارة سمو ولي العهد إلى أن الدولة «ماضية في نهضتها التنموية وفق رؤية 2030 وبرامجها الطموحة، التي ستسهم بمشيئة الله في محافظة المملكة على مكانتها المتقدمة عالمياً، وتحقيق المزيد من التطور والازدهار وتوفير سبل الحياة الكريمة للمواطنين»، هو تأكيد باستدامة التنمية، والمضي قدما في تنفيذ جميع البرامج الإصلاحية ومستهدفات الرؤية، ومشروعاتها، وفق ما خطط لها من قبل، بغض النظر عن المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية، فالمملكة عازمة على تحقيق أهدافها الإستراتيجية، وفق خطط واضحة، ومسارات محددة لتحقيق مزيد من النتائج الإيجابية وتعزيز واستدامة النمو الاقتصادي، و استشراف المستقبل لتعزيز مخرجات التنمية وتحقيق هدفي الاستدامة المالية، وتنويع مصادر الاقتصاد، ورفع مساهمة القطاعات الواعدة في الاقتصاد الوطني، وبما ينعكس إيجابا على التنمية ورفاهية المواطنين والملاءة المالية.
حراك تنموي شامل ومستدام يقوده سمو ولي العهد، بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين، لرسم مسيرة الاقتصاد وتنويع مصادره، وتعزيز نموه وبما يؤكد على مكانة المملكة العالمية. يقابله حراك في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، وتعزيز مكانة المملكة الإقليمية والعالمية. نجحت المملكة في توثيق علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة، واستضافت عدداً من القمم الكبرى جمعت من خلالها أكثر من (100) دولة في العام الماضي، كما ورد في الخطاب الملكي. مكانة المملكة العالمية، وقوة تأثيرها الإقليمي، وموثوقيتها، وثقة العالم بقيادتها، أسهمت في نجاح القمم الإقليمية والعالمية التي احتضنتها، وضمنت لها الاستجابة والتمثيل الرئاسي لها.
عززت قمم الرياض فرص تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية والاقتصادية بين المملكة والمجموعات الدولية، كمجموعات مشتركة، وكدول مستقلة تربطها بالمملكة شراكات إستراتيجية نوعية، كما عززت حضور المملكة، وقدراتها التفاوضية في المجتمع الدولي، وحصولها على الدعم لمبادراتها المختلفة.
جهود عظيمة قادها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد مكنت المملكة من تبوء الصدارة في شتى المجالات. وحظي مجلس الشورى بدعم مستمر لجهوده مكنته من أن يكون فاعلا في مواكبة الرؤية وتمكين مستهدفاتها من خلال تحقيق التكامل مع السلطة التنفيذية، واستكمال الأنظمة المعززة للبيئة التشريعية، الداعمة للإصلاحات، والمحفزة للاقتصاد والجاذبة للاستثمارات، والممكنة لبرامج التحول الشاملة في جميع المجالات.