رمضان جريدي العنزي
الهدوء في البلدات الصغيرة في بلدنا المترامي الأطراف يكسب النفس الراحة والسكينة، حيث ينعم الإنسان هناك بصفاء الجو وكثافة الأكسجين والفضاءات الكبيرة الواضحة، بعيداً عن جو المدينة المعجون من أدخنة كثيفة تشبه الضباب نتيجة أدخنة المصانع وعوادم السيارات. إن الكثافة السكانية، والازدحامات المرورية، تجعل الناس يفكرون جدياً بالهجرة نحو الهجر والأرياف والبلدات الصغيرة. فمع تزايد الوعي بالصحة والاهتمام بنمط العيش، أصبح تزايد الرغبة في ترك المدينة والهروب إلى ضواحي الهجر والأرياف والبلدات الصغيرة، أمراً واقعاً. إن الكثير من الناس قد أعادوا تفكيرهم في هذا الأمر بشكل جدي، أن العيش في المدن التي تكتظ بالناس والسيارات والشاحنات والأسواق، صنعت بين الناس البعد والجفوة والتنافر، عكس الهجر والبلدات الصغيرة، فالعلاقات الاجتماعية مترابطة ومتينة والتعارف سهل وميسر، والالتزام بالمعايير الصحية أسهل، حتى أن القلق والتوتر والعصبية والضغط النفسي والبدني يخف إلى أدنى درجاته. إن العيش هناك في البلدات الصغيرة تجربة فريدة، وحلم هادئ يداعب خيال الناس الذين سئموا نمط الحياة المتسارع والمقلق في المدن الكبيرة، المليئة بالصخب والضوضاء والحركة المرورية الدؤوبة. إن الناس بدؤوا يغادرون المدن إلى الإرياف بحثاً عن نفحة هواء نقي والذي بدوره يساعد على التنفس بشكل أفضل، ويقلل من مخاطر الحساسية وأمراض القلب، ويقوي من جهاز المناعة، يهدي الأعصاب، ويحسن المزاج، بالإضافة إلى وجود الأغذية العضوية الصحية نظراً لتوفر المزارع. إن التكلفة المعيشية أيضاً بالتأكيد تنخفض هناك، على عكس المعيشة بالمدينة فهي بارتفاع دائم ومستمر. إن الذين مروا بالعيش في تلك البلدات وأنا واحد منهم شعروا تماماً بالاستمتاع بالحياة والعيش المغاير، الحياة الطبيعية مغرية هناك بالتمام والكمال، لقد قضيت مع العائلة عشرة أيام في بلدة (تخاييل) والواقعة بين مدينة بريدة ومدينة حائل، عشنا خلال تلك الأيام الحياة المريحة الهادئة، فالنوم الباكر، والصحو الباكر، والطعام الطبيعي، حيث الأشجار والهواء النقي، والبعد عن ضغوط العمل والحركة والسير، في حضن تلك البلدة الصغيرة قضينا أجمل أيامنا، حيث الطبيعة والهواء العليل وكثافة الأكسجين والسلام النفسي المريح، الحياة هناك بسيطة لا تكلف فيها ولا تكاليف، كل شيء يعتمد على البساطة، عكس الحياة في المدن فهي أكثر تعقيداً. إن الإيابيات في البلدات الصغيرة لا حصر لها، حيث المساحات المفتوحة والسلام الروحي والهدوء والهواء النظيف عوامل تجعل هذا الخيار جذاباً لكل من يبحث عن هذه العوامل المهمة في حياة الإنسان. ولكي تزدان هذه البلدات تكبر وتزدهر وتكون بيئة جذابة للمواطن والسائح والمقيم يجب زيادة جرعات الخدمات كالطرق والكهرباء وتسهيل إجراءاتها.