خالد بن حمد المالك
لا يوجد وميض أمل قريب على أن هناك إيقافاً للقتال في غزة، أو أن هناك تسوية مرضية للطرفين بشأن تبادل الأسرى، ولا من دولة فاعلة وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية لديها النية والرغبة في استخدام نفوذها مع إسرائيل لإيقاف القتال.
* *
مجازر ترتكب ضد المدنيين الفلسطينيين، وأثمان باهظة تتكبدها إسرائيل بشرياً واقتصادياً لكنها مع ذلك تصر على مواصلة القتال، ولا تراجع لديها عن أطماعها بإقامة دولة إسرائيل الكبرى على كامل الأراضي الفلسطينية، وبالتالي لا دولة فلسطينية في المنظورين القريب والبعيد.
* *
يقول وزير الأمن القومي الإسرائيلي إن على إسرائيل أن تعيد المستوطنات الإسرائيلية إلى غزة، تأكيداً على نية إسرائيل بالاستيطان الدائم في القطاع بعد توقف الحرب، وجعل غزة كما الضفة الغربية في حالة سيطرة إسرائيلية وإنهاء أي تفكير بإقامة دولة للفلسطينيين على أراضي حدود عام 1976م، وهو التوجه الذي لا تمانعه أمريكا والغرب، وإن تحدثوا بغير ذلك.
* *
ويقول وزير مالية العدو بأن على إسرائيل أن تشجيع الفلسطينيين على الهجرة لأنهم جوعى وفقراء، والبحث عن دول مستعدة لإيوائهم، وأن غزة سوف تعود بعد عودة الإسرائيليين إليها من صحراء إلى بلاد جميلة ومزدهرة، وأن تغييراً جذرياً سيحدث حول وضعها ومستقبلها، ولو بقي فيها 100 أو 200 ألف فلسطيني، فالوضع في اليوم التالي سيختلف، بينما يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن حماس تعتقد بأن إسرائيل سوف تخرج من غزة قريباً وهم مخطئون، بمعنى أن نوايا إسرائيل كدولة محتلة لم تتغير حتى وجيشها يتعرض لهذه الخسائر الكبيرة.
* *
هذا يقودنا إلى القول بأن من يرى أن إسرائيل على استعداد للحوار، وعلى القبول بالتعايش مع دولة فلسطينية مجاورة، هو رأي خاطئ ولا يتفق مع السياسة الإسرائيلية، ويتعارض مع نهجها منذ قيام دولتها قبل أكثر من سبعين عاماً، وبالتالي فإن المواجهة العسكرية والكفاح المسلح هو الخيار الوحيد في مقاومة المحتل، ما لم يكن هناك قرار دولي يلزم إسرائيل على ما يحقق السلام لها وللفلسطينيين، مدعوم وملزم من أمريكا والغرب.
* *
وما يجري الآن في غزة، وحتى في الضفة الغربية من اعتداءات إسرائيلية دون تفريق بين مقاتلين من حماس والجهاد، وبين مدنيين وبينهم نساء وأطفال، هو وصمة عار على المجتمع الدولي ومؤسساته، ودليل على عجز دول العالم على إجبار إسرائيل في التخلي عن سياسة الضغط العسكري، والإفراط في قتل المدنيين، وإلزامها بالقرارات الدولية.
* *
وستكون خطورة هذا الموقف الإسرائيلي المتعنت أن يشجع على التصعيد، وتوسع رقعة القتال، واضطراب الأمن في المنطقة، وتأثير ذلك على استقرارها، وربما صعوبة السيطرة على تداعيات حرب غزة فيما لو اشتعلت في مناطق أخرى، وهو ما نرى إشارات له في سوريا ولبنان والعراق والبحر الأحمر، ومناطق الحوثيين في اليمن.
* *
ثلاثة شهور مضت أو تكاد على بدء عدوان إسرائيل على غزة، ولا نرى ما يشجع على القول بأننا في نهاية النفق، فإسرائيل حتى اليوم تتحدث عن شهور وأحياناً عن سنين قادمة قبل نهاية الحرب، كما يتحدث قادتها عن أن خسائر فادحة سوف يتعرض لها جيشهم، لكنهم لا يتحدثون إلا عن مواصلة القتال، واستعادة الأسرى، والقضاء على حماس لتطمين أهل الأسرى على قدرتهم على تحقيق ذلك لامتصاص غليان الشارع الإسرائيلي.
* *
كل ما نتمناه مع بداية العام الجديد، أن نرى ولو بصيص أمل على أننا على موعد قريب مع إحلال السلام، وتوقف القتال، والإسراع في تحقيق مشروع الدولة الفلسطينية، وأن يكون عام 2024 بداية ونهاية لآخر استعمار في هذا الكون، نهاية يكون فيها الانتصار لحقوق الإنسان في الحرية والتعايش بين دولتين إسرائيلية وفلسطينية.