د. إبراهيم الشمسان أبو أوس
كنا في منزل الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي، أنا ومعي ابني بدر، والدكتور فهد العليان، والدكتور إبراهيم المديهش، وكان مما جرى الحديث عنه المكتبة الشاملة، فذكرت أنها من نعم الله التي هيأ لها من يضعها، برنامج حاسوبي يزوي آلاف الكتب في العلوم العربية المختلفة الشرعية واللغوية والأدبية والتاريخية والجغرافية وغيرها من العلوم المختلفة، وهي محرك بحث يهيئ للباحث الاطلاع في يسر وسهولة وسرعة على مضامين الكتب فيمكنه من اسيعاب المواطن بدقة، وهو ما كان يقتضي الباحث الدقيق الأيام والليالي الطوال ليصل إلى مراده، وأغناه محرك البحث هذا عن فهارس الكتب وكشافاتها؛ بل لعله تفوق عليها، فما على الباحث إلا أن يدخل كلمة مفتاحية حتى ترصد له مواضعها من الكتب التي اختارها، وهو بعد ذلك يستطيع نسخ ما شاء من النصوص التي وردت فيه الكلمة أو الجملة التي بحث عنها، موثقة باسم الكتاب وصفحته ويتاح له النظر في نافذة منسدلة معرفة بيانات الكتاب كاملة اسم الكتاب ومؤلفه ومحققه إن كان كتابًا محققًا ودار النشر وسنتها وعدد الأجزاء ويبين لك إن كان صف الكتاب في المكتبة موافقًا للكتاب المطبوع أو هو صف آلي. وتتيح المكتبة نسخة إلكترونية مصورة بطريقة pdf لبعض الكتب تهب فرصة للتأكد من صحة النص وتدارك ما يعرض للمكتوب في الشاملة من نقص حركات أو تصحيف أو غير ذلك من الأخطاء.
بينت أثناء النقاش بعض الملحوظات على (المكتبة الشاملة) من أهمها إهمال ضبط كثير من الكتب اللغوية التي ضبطت في المطبوع، مثل بعض كتب النحو والصرف والمعاجم، والضبط في هذه الكتب خاصة بالغ الأهمية، وربما اجتهد مدخل المادة ناسخ الكتاب فضبط كما يتهيّأ له فيضلل بذلك من لا خبرة له بالنص، وربما تساهل في ذكر بيانات الكتاب، مثل بيانات كتاب المزهر للسيوطي فقد جعل في الشاملة أنه من تحقيق فؤاد علي منصور فشاع بين الناس ومنهم المتخصصون أن الكتاب محقق وأن محققه هذا الرجل الفاضل الذي كتب على صفحة الغلاف هذه الجملة (ضبطه وصححه ووضع حواشيه)، والباحثون، وأنا منهم، ربما اعتمدوا على نص الشاملة فاحتملوا ما فيها من أخطاء، ويعلمون أن الواجب على الباحث أن يراجع ما نقله ويوازنه بالمطبوع؛ ولكنهم ربما غفلوا عن ذلك أو أحسنوا الظن بالنص الوارد في المكتبة، وربما يأخذهم التسرع والاستعجال فيقنعون بالنص الوارد من غير مراجعة وتدقيق، ومن الملحوظات الأخرى أن المكتبة الشاملة قد لا تتخير من الكتب أجودها تحقيقًا وأولاها بالاستعمال، فقد تكون نسخًا تجارية أو تحقيقات غير أصلية، وغيرها خير منها ينبغي العودة إليه، وكان هذا مثار استغرابي ودهشتي، ولكن الدكتور إبراهيم المديهش أزال الغرابة وأجاب عن السؤال، قال إن أصحاب المكتبة مجتهدون، حملهم على إنتاجها ووضع الكتب فيها دافع ذاتي ورغبة صادقة في خدمة طلاب العلم، لا يرجون لذلك جزاءً ولا شكورًا، وكانوا يدخلون ما وجدوه من كتب لا يتخيرونها؛ ولكن ما يتاح لهم، وقال إن الراجحي دعمهم مدة من الزمن؛ ولكن دعمه توقف، وقال إن ثمة من أخذ قاعدة معلوماتهم برضاهم وأنشأ موقعًا على الشابكة اسمه (تراث)، والدكتور المديهش يمتدح هذا الموقع ويفضله؛ لأنه لا يشغل ذاكرة الحاسوب بالكتب، أما أنا فلا أعدل بالشاملة شيئًا، ولكني أرجو أن يقيض لها من يأخذ بيدها أخذًا جادًّا؛ ولعل مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يتولى هذه المهمة، وهنا يمكن أن يتدارك كل نقص في المكتبة وتصحح الكتب وتختار النشرات الجياد.