د. هاجر الحربي
ما هي أسباب التدهور الإنساني الذي يعصف به في وكل المجالات؟
وكيف يمكننا تداركها و معالجتها؟
قبل أن أكتب هذا المقال,استعرضت كثيرًا من التجارب التي شكلت لديّ هذه التصورات,خاصة وأنها تكونت بعد التخرج من الجامعة و الالتحاق بالوظيفة ومواجهة الجمهور.
لقد أربكتني ملاحظة مخيفة وهي تراجع التكاتف المجتمعي، الذي تضاءل مع الحركة السريعة التي تعصف بالناس,فهم على موعد يومي بأخبار خاطفة و متغيرات سريعة و صور استهلاكية مرتفعة تروّج بألمع صورة ,وعلى أيدي أشخاص يملكون أدنى المستويات التعليمية والثقافية غالباً، وهذا الأمر قد يحبط من يتابعونهم ممن يشقون و دخلهم المحدود مقارنة بهذه الفئة! بل قد يتعدى هذا إلى منحهم امتيازات مجتمعية ترفع من مكانتهم بشكل سريع وغير مبرر!
يحاول جمهور المحبطين اللحاق بركب هؤلاء بأي ثمن, حتى لو كان على حساب هويتهم أو أخلاقياتهم، كما ينشأ فينشأ عن ذلك عنف نفسي يُشكل صراعًا داخل العمل و ابراز القدرات على حساب الأخرين ظناً أن نجاح الأخر يشكل تهديداً عليهم! فهم جمهور المشاهير وهم من يشتمه,هم من يتابعه و يشتكي من الاجحاف.
وجدت خطورة كبيرة اليوم على جودة العطاء مقابل (الترند),حيث يمتد هذا الأثر للأسف للحقول العلمية و الطبية! التي كانت جُل ما تسمو اليه هو خدمة الإنسان إلى الحقول الفنية التي هي أساساً متنفس للروح من شقاء الحياة فهي تمثل لحظات خالدة من مشاعر التجلي لروح الفنان. كما لك أن تتصور أن تصل هذه الآفة لمحطات الاعلام التي أصبحت تساوم على صفحاتك في مواقع التواصل الاجتماعي وعدد المتابعين لديك لقد رصدت و تألمت العديد من هذه المشاهد مع تراجع القيمة التي يتلقاها الناس.
وإن عدم وعي الناس الكافي بخطورة هذه السلوكيات لايعني أن نترك هذه العواصف بلا مقاومة فهناك العديد من المواهب التي تدفن بأثر هذه العواصف.
اخيراً, هل يتوجب علينا ألا نكون نحن لكي نحظى بفرصتنا؟
بل أعتقد أن علينا أن نتكاتف لمقاومة هذه السلوكيات,بنشر الوعي لدى المجتمع و خلق منظمات شابة واعدة تطور و ترشد أصحاب المواهب و أخرى ترصد و تنظم المحتوى المروج للناس مع الاخذ بعين الاعتبار أن وضع من هم أعلى مشاهدة على رأس قائمة المدعوين لحفلات ذات قيمة مجتمعية, تشكل أكبر تطبيع مع هذا النوع من المنشورات التي لاقيمة لها سوى الاضرار بسلوكيات المجتمع.
وأنني دائماً على يقين كما هو الحال عند أصحاب الرأي ,أن هذه المفرقعات ستنتهي حتماً. و يرجع الناس للأصيل الذي سيكون وقتها ندر و غلا ثمنه.