علي الزهراني (السعلي)
نسمع كثيراً ونقرأ أكثر بمرارة وحرقة عن الذين غادرونا من زملائنا وأصدقائنا وأحبابنا ومن كنّا نستمتع بجميل آحاديهم حين ترنّ في أسماعنا وتلهب قلوبنا وتسترق أبصارنا حروفهم تؤنس وحدتنا تغازل طرباً أوتار أفئدتنا ترمي قصائدهم شباكها فنقع فريسة إبداعهم تلك الحكايات والقصص والمواقف التي ارتبطت بنا تنسج رواية من حنين وشوق .. يا الله, كم تأخذنا السنين وتجرنا جرّاً في حضنها لننسى من أحببناهم طلتهم بريق عيونهم حين يلقون أبياتهم علينا، ينتقدون نقداً بنّاءً لما نقول ونكتب .. تأتي حناجرهم كوخز الإبر ثم بعدها ترقص فرحاً أن بقيت ندياتها فينا تلف بيوتنا وتطوف حول حينا ثم تعود إلينا ألما بفراقهم.
نعم إنه الموت العابر بقدر الله من ثقب الزمن ليأخذ منّا كل من رحلوا، لم يبقَ سوى استجرار الذكريات ولات حين مناص أن يعودوا.
وأنا أكتب حزناً ككاتب يرى يسمع يشاهد يلاحظ موت مثقف لا اعتراض على حكم الله سبحانه وتعالى لكنه المحزن جداً أن فور موت أحدهم تنبري الأقلام كاتبة عن مآثر من رحلوا، وبيني وبين نفسي أقول :
ليت كل من مات من المثقفين والأدباء والمفكرين يقرؤون ما كُتِب عنهم من سطور مادحة وإن تخبّى وراءها كلمات كاذبة خاطئة إن كانت صادقة إن سطرت في حضرة من فقدناهم وهم أحياء.
القيمة والقامة محمد زايد الألمعي، الصديق ناجي عبدالله الغامدي زميل دراسة وصديق مرحلة كذلك الشاعر الساكن في القلب محمد مشعل الشدوي القائل ذات وجع : «نصف حي بعضي يؤبن بعضي» ولم يمضِ هذا الأسبوع إلا ونفقد الرجل الصالح والدكتور الفالح والميسر لكل خير وإبداع عبد العزيز الطلحي العاشق للورد وجارة السحاب ونديمة الضباب الطائف ولحق يرحمهم الله جميعاً بجاره في عشق عروس المصايف الدكتور النابه العالي الغالي عالي القرشي الذي قال لي يوماً في إحدى الأماسي القصصية بالباحة :
أنت مبدع استمر ولكن ابتعد عن السعالي .. هكذا قالها لي مداعباً يرحمه الله .. إننا في مرحلة مهمة وأظن على عاتقنا جميعاً أن نطالب - وسبف أن طالبت بمقال عن ذلك - بعقل وكتابة ومنطق وهدف نبيل :
أولاً: كل مثقف ومبدع مخلص لدينه ووطنه وحرفه لابد من وزارة الثقافة كرماً وهي لم ولن تقصر في ذلك في جمع شتات ما تناثر من كتابات المفكرين كما أمر سمو الوزير بجمع إبداع محمد زايد الألمعي مؤخراً وذلك من خلال توجيه هيئة الأدب والنشر والترجمة.
ثانياً: تتحمل ولو جزءاً الوزارة من نفقات لصالح المثقف من خلال تقلبات الحياة معيشة مرض سوء حال لهذا المثقف المبدع في حياته وبعد مماته إذا شاءت الأقدار ذلك من خلال مقترح (صندوق المثقف السعودي ).
أرجوكم كل من يصله حرفي هذا ومقالي أن نكرم المبدع والفنان وهو حيّ بين ظهرانينا يشاهد ويسمع ويبتسم هذه الحفاوة من أبناء وطنه المخلصين وهم كثر ولله الحمد.
سطر وفاصلة
أعرفُ أنك ستقرئين ملامحي ممالح حرفٍ
فابتسامتي يا أنتِ خلفها ألف خسف وخسف
سطري متموج رغم وميض كاميرتهم
فأنا من دون حضن حرفكِ
بقايا من كلمة نحوٍ بلا صرف
تعالي ضمّي فاصلتي وانثري ضحكاتك بقلبي
صفحتي سوداء إلا من ركن قصي
فيه اسمكِ