تغريد إبراهيم الطاسان
أقر مجلس الوزراء مؤخراً، تشكيل مجلس أمناء مؤسسة المبادرة الخضراء، برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ويجسد هذا القرار أهمية هذه المبادرة التي تعد واحدة من أكبر مبادرات إعادة التشجير في العالم؛ ويؤكد التزامات المملكة الوطنية والدولية وسعيها الدائم إلى قيادة المنطقة في القضايا المهمة، ومنها التصدّي للتحديات البيئية من مظاهر التصحر والعواصف الرملية وندرة الموارد المائية العذبة، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة المستمر والظواهر المناخية غير المعتادة، كما يعكس الرؤية السعودية الاستراتيجية الواضحة، وجهودها نحو تعزيز ودفع الأهداف البيئية والوطنية والإقليمية والعالمية ذات التفكير التقدمي إلى الأمام، وبناء مستقبل أكثر استدامة للعالم ككل.
وبوصف المملكة إحدى أهم الدول المنتجة للطاقة في العالم، تدرك تمامًا نصيبها من المسؤولية في مواجهة مثل هذه التحديات، ولهذا فقد جاء تبنيها في العام 2021 لمبادرة السعودية الخضراء، في خطوة طموحة عدّها مراقبون ومختصون بمثابة حقبة جديدة من السعي للتحول سريعًا إلى الاقتصاد الدائري للكربون، والمساهمة بشكل كبير في الجهود العالمية لتقليل الانبعاثات الكربونية، حيث تركز على مكافحة تغير المناخ، وتحسين نوعية الحياة، وحماية البيئة، إضافة إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، عبر مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50 % من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030م.
ولا شك أن سمو ولي العهد وضع بهذه المبادرة، معايير جديدة لما يجب أن نسعى إليه في ظل ما تواجهه المملكة والمنطقة والعالم من حاجة ملحة لمواجهة تلك التحديات من خلال تفعيل مشاركة مختلف فئات المجتمع السعودي في الجهود الجارية للتصدي لظاهرة تغير المناخ، ودفع عجلة الابتكار المستدام، وتسريع رحلة الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، مما يؤكد التزام المملكة بالاستدامة البيئية وتطوير الطاقة المتجددة ويوحي بأنها البلد الصحراوي ذو المناخ شديد الحرارة في طريقها لأن تصبح واحة خضراء، لتكون بمثابة «الرئة» التي يتنفس بها العالم.
الأكيد أن هذه المبادرة بدأت تؤتي ثمارها على أرض الواقع وهو ما نلمس آثاره اليوم في تحسن جودة حياة المواطنين اجتماعياً واقتصادياً بما يتماشى مع رؤية 2030 التي يأتي ضمن أهدافها تحسين جودة الحياة وحماية الأجيال المقبلة، فعلى المستوى الاجتماعي ساهمت زيادة الكثافة الشجرية التي بدأنا نرى أثرها على ثرى بلادنا في تعزيز صحة ورفاه سكان المملكة الذين تعيش النسبة الأكبر منهم في المناطق الحضرية وذلك من خلال العمل على خفض درجات الحرارة وتحسين جودة الهواء، فمن المعروف أن درجات الحرارة المرتفعة وتلوّث الهواء من المخاطر البيئية الأكثر شيوعاً في المناطق الحضرية حول العالم، إضافة إلى جهود تنمية الغطاء النباتي بالمدن في خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون.
وعلى الجانب الاقتصادي، هناك العديد من الفوائد التي تم تحقيقها على المدى الطويل من خلال جهود التشجير ومنها مساهمتها في توفير عدد من فرص العمل في مختلف أنحاء المملكة؛ للقيام بمهام زراعة الأشجار، وجمع البذور، وتجهيز وصيانة الأراضي الزراعية، وتطوير الشبكات لإعادة استخدام المياه المعالجة، وإنشاء حدائق ومتنزهات ومحميات جديدة كما تسهم المبادرة في رفع نسبة مساهمة الطاقة النظيفة والمحميات الطبيعية، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة.
فخورون بجهود قيادتنا الرشيدة وحرصها على حماية البيئة بمثل هذه المبادرات العالمية التي نأمل أن تعكس توجّه المملكة والمنطقة نحو حماية الأرض والطبيعة، ومواجهة التحديات البيئية، ورفع مستوى جودة الحياة وحماية البيئة للأجيال القادمة.