عمر إبراهيم الرشيد
تعد مسابقة كأس العالم تظاهرة يتجاوز تأثيرها وزخمها المجال الرياضي إلى السياحة والثقافة والاقتصاد والاجتماع وغيرها من النشاطات البشرية، ولذلك تتنافس كبرى الدول على تنظيمها والفوز باحتضانها حتى تلك التي سبق لها ذلك. وقد تحدثت عن استضافة مدينة جدة لمسابقة كأس العالم للأندية الأخيرة، والمتابعة الدولية حضوراً أو عبر وسائل الإعلام على مختلف أشكالها. وأعيد التذكير بأن تنظيم مثل هذه المسابقات في المملكة والتي هي من مستهدفات رؤية 2030، لتحويل الرياضة إلى قطاع حيوي ورافد اقتصادي واجتماعي تعد كذلك ميادين تدريبية وتأهيلية لمسابقات أكبر وأهمها كأس العالم عام 2034 بمشيئة الله تعالى.
ومعلوم حجم التحديات والمتطلبات لهكذا مسابقة وتظاهرة عالمية، من توفير المنشآت والملاعب إلى الفنادق ودور الإيواء، مروراً بشبكات الطرق ووسائل النقل، ثم الخدمات اللوجستية والإعلامية والموارد البشرية الكفؤة لإدارة الفعاليات والأنشطة كافة. ولن يمنح اتحاد كرة القدم العالمي (فيفا) المملكة فرصة هذا التنظيم لولا أن ملف المملكة قد حمل كافة المتطلبات القادرة على تحقيقها بحول الله وتوفيقه من هنا حتى ذلك العام. ذلك أن بناء منشآت جديدة وتطوير القائمة حالياً قد بدأ حتى قبل فوز المملكة بهذا الملف، ومعلوم ماحظيت وتحظى به بلادنا من استضافات لأنشطة ومؤتمرات ومسابقات من بينها إكسبو 2030 في العاصمة، وغيره مما أكسب الجهات المعنية والمؤسسات والشركات المشغلة والمساندة، وكذلك الشباب السعودي من الجنسين المهارات المطلوبة لهكذا فعاليات على مختلف مجالاتها.
ولذلك أوردت بعض الملاحظات على تنظيم مسابقة كأس العالم للاندية التي أقيمت في جدة. وأذكر هنا بها لأن المقام يتطلب هذا التذكير لوحدة الموضوع، وهي ضرورة مراعاة تقديم تراثنا وهويتنا في حفلات الافتتاح فضلاً عن اعتماد ألوان وعروض أجنبية. وتقديم لاعبينا المعتزلين الدوليين ورموزنا الرياضية وحتى الثقافية والعلمية، ليعلم العالم أننا لسنا فقط بترولاً وثرواتٍ طبيعيةً وماليةً، وإنما كفاءات وثروة بشرية وإرث حضاري وثقافي واجتماعي. وهذا في رأيي دور أكثر من وزارة وهيئة وجهة حكومية تتضافر جهودها لتقديم لوحات حضارية ترسم ألوان النهضة السعودية وخلفيتها الحضارية، الضاربة أطنابها في أرض الجزيرة العربية منذ آلاف السنين. وأؤكد على دور وزارة الثقافة جنباً إلى جنب مع وزارات الرياضة والتربية والإعلام والجهات ذات الصلة. ولايفهم من حديثي أنني ضد استضافة أسماء عالمية بارزة من لاعبين وشخصيات بارزة في كافة المجالات، فنحن جزء من العالم محوري وله مكانته وثقله، لكن ماقصدت هو عدم إغفال رموزنا إزاء تلك الرموز العالمية، وبانتظار 2034 وفق الله المملكة وإلى اللقاء.