وافق مجلس الوزراء على تسمية العام 2024 بعام الإبل، حيث كان عام 2023 عام الشعر العربي، ويأتي هذا الدعم لقطاع الإبل بتسمية العام باسمها تابعة للشعر العربي ترسيخاً للرعاية الكريمة من القيادة بالتراث الثقافي بكافة جوانبه، وتأكيداً للأهمية الثقافية والاقتصادية لقطاع الإبل بشقية الهجن والمزاين.
وفي قراءة تاريخية سريعة للدور الذي قامت به الإبل، يكفي أن يكون الاستشهاد بأهمية هذا الكائن كمعجزة إلهية أرسلها الله تعالى إلى قوم صالح، وما حل بهم من عذاب نتيجة إيذائهم وعقرهم لها، ويأتي كذلك الأثر الكبير الذي تم تعميره على إثر ناقة, عندما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد بناء مسجد قباء وتلقفه أهل المدينة للاحتفاء به واستضافته والإمساك بخطام ناقته؛ قال لهم: دعوها..، إنها مأمورة، فسارت حتى بركت فنزل عليه الصلاة والسلام من ظهرها وأمر ببناء المسجد النبوي الذي شارك وصحابته في بنائه...إلخ.
وما يعنينا بحق، أنها كانت إحدى العناصر المساهمة في توحيد هذا الوطن بقيادة المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، الذي جعل النزاع لأجل الإبل إخاءً وتنافساً بعده. ليأتي دعم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد لهذا القطاع كأحد ركائز عناصر التنمية الشاملة في رؤية الوطن 2030، وإنشاء جهات حكومية تعنى برعاية الإبل من خلال الاتحاد السعودي للهجن الذي يتولى مهام تنظيم وتطوير سباقات الهجن، ونادي الإبل الذي يتولى تنظيم مزاينات الإبل، لتتواءم هذه القطاعات في سبيل الارتقاء بالموروث الثقافي المرتبط بالإبل.
وعلى ذات المسار في الاهتمام بهذا القطاع، فقد شهد قطاع الإبل تطويراً كبيراً ونقلة نوعيّة جعلت العديد من الدول التي ربما لم تكن الإبل ضمن اهتماماتها أو لا توجد على أرضها مشاركة فيه، وذلك جراء الحراك الذي قادته المملكة العربية السعودية في تطوير هذا القطاع الذي جعل المشاركة فيه فرصة لتواجدهم ومشاركتهم به كقطاع اقتصادي ثقافي صاعد، وانضمام العديد من هذه الدول إلى عضوية الاتحادات الخاصة بالهجن كالاتحاد العربي للهجن والاتحاد الدولي للهجن، بالإضافة إلى المنظمة الدولية للإبل، وقد أثمرت هذه الجهود عن دخول الهجن في موسوعة جينيس لأكبر عدد هجن يتم تسجيله في سباق من خلال مهرجان ولي العهد للهجن في النسخة الخامسة 2023 بمحافظة الطائف، حيث تجاوز عددها العشرين ألف مطيّة. كما هو الحراك الكبير والتطوير الذي قام به نادي الإبل في تطوير مسابقة مزاين الإبل عبر مهرجان الملك عبدالعزيز لمزاين الإبل، المهرجان الأكبر في عام المزاينات الذي يقام سنوياً، ويشهد العديد من الفعاليات المرتبطة بقطاع الإبل أو عناصر التراث الثقافي الأخرى ذات الارتباط المباشر وغير المباشر.
علاوة على ذلك، فيأتي دعم المملكة العربية السعودية لقطاع الإبل من خلال تسجيل ملف حداء الإبل في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي العالمي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم (اليونسكو) في العام الماضي 2022 بالمشاركة مع دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.
وما يجعل عام 2024 عاماً متميزاً بهذه التسمية الملكية التي عكست الصورة الذهنية وأعادتها إلى مسارها الصحيح، وعززت تواجد قطاع الإبل كأحد المصادر الثقافية للهوية الوطنية، وجانب اقتصادي كبير في كل ما له علاقة بالإبل، الإعلان عن مهرجان خادم الحرمين الشريفين لسباقات الهجن الذي يفتتح به عام 2024 في مطلع شهر فبراير بجوائز 70 مليون ريال.
لذلك، فإن مسمى التنمية الشاملة بمفهومه العميق، هو ما تقوده المملكة العربية السعودية في تعزيز وترسيخ جميع المكونات الوطنية من التمكين والتطوير كمشاريع وطنية ذات أبعاد مستدامة تحافظ على إرث وتنوع مصادر الدخل.
وفي هذا الحدث الكبير، نستذكر العبارات التي أطلقها ولي العهد التي تقوم على مبدأ التحفيز وإحياء الشغف، بدءاً من عبارته الشهيرة (بلادنا تمتلك قدرات استثمارية ضخمة، وسنسعى إلى أن تكون محركاً لاقتصادنا ومورداً إضافياً لبلادنا وهذا هو عامل نجاحنا الثاني)، وفي اليوم الوطني نحلم ونحقق، وهمّة حتى القمّة، وفي يوم التأسيس يوم بدينا. وفي الختام، نعتز بأن موحد الوطن، قال هذه الأبيات مفاخراً ب/ذلولة:
روّحن مثل القطا صوب الثميله
ضمّرٍ تضفي عليهن العباتي
ورّدوهن هيت وأخطاه الدليله
والموارد غير هيت مقضباتي
ما ورد في جيشنا مثل الطويله
تورد الضميان لو فيها حفاتي
** **
- مرضي الخمعلي
@mardhisaadd