خالد بن حمد المالك
يبدو أن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية تعمّد أن تكون المملكة آخر محطة له في جولته لدول المنطقة قبل ذهابه إلى إسرائيل، وتفسيري لذلك أنه يعرف أن الحكمة والموقف الحكيم هما لدى الأمير محمد بن سلمان، وأن الشفافية والوضوح والصراحة هي ما يتميز به الموقف السعودي، وأن أي تعامل مع إسرائيل لن يأخذ جديته -مع مرارته على تل أبيب - ما لم يكن صادراً من الرياض والآن من العلا، حيث المخيم الشتوي لولي العهد.
* *
تحدث الأمير لبلينكن مركزاً على وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وتكثيف المزيد من الجهود على الصعيد الإنساني، والعمل على تهيئة الظروف لعودة الاستقرار في المنطقة، واستعادة مسار السلام بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، والمقصود هنا دولته المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس، كما هو موقف المملكة الثابت، وتحقيق السلام العادل والدائم.
* *
تصريحات وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية لوسائل الإعلام من مطار العلا بعد اختتام اجتماعه بولي العهد كان تأثير اللقاء بالأمير محمد بن سلمان واضحاًعليها، فقد تحدث بمعلومات وعن مواقف أمريكية لم يصرح بها من قبل، حيث التأكيد على الدولة الفلسطينية، والتوجه نحو وقف القتال في غزة، وضرورة تبادل الأسرى بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وبقاء الضفة الغربية وغزة موحدتين تحت سلطة فلسطينية، مع التأكيد على زيادة إدخال المساعدات لغزة.
* *
لكن حكومة إسرائيل تضم مجموعة إرهابيين وتعمل الحكومة تحت ضغطهم بالتهديد بالانسحاب من الحكومة إذا ما قبلت بحلول سلمية للحرب في غزة، وبعد ذلك للأخذ بخيار الدولتين، وهو ما يضطر نتنياهو للقبول بذلك للاستمرار في رئاسة الوزراء لتجنب محاكمته على ما يُقال بأنه متهم بفساد، ولا ينقذه من جره إلى المحكمة إلا الحصانة كونه رئيساً لحكومة الحرب.
* *
هناك في بعض دول العالم من يطالب بوقف الحرب من زاوية إنسانية، وهناك في إسرائيل من يستمد موقفه في وقف الحرب من عدد الخسائر البشرية في جيش العدو، بما لا مبرر لاستمرارها، والضغط الأكبر والأهم في إصرار أهالي المختطفين لدى حماس والجهاد بإيقاف القتال، وتبادل الأسرى، لضمان عودة المختطفين إلى أهاليهم، لكن حكومة إسرائيل تراهن على الوقت، وتعلن أنها قادرة على هزيمة حماس وتحرير الرهائن، دون تقديم أي تنازلات، مع مرور ثلاثة شهور ودخول الحرب شهرها الرابع دون أن تتحقق أهداف إسرائيل المعلنة هذه الأهداف.
* *
وها هو الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبالتزامن مع زيارة وزير خارجيته لإسرائيل، وبعد انتهاء زيارته للمملكة يعلن بأنه يعمل مع إسرائيل لوقف القتال في غزة، وأنه يتفهم مطالبة الإسرائيليين بوقف القتال، وهو موقف جديد من سيد البيت الأبيض الذي كان يقول من قبل إن إسرائيل لو لم توجد لأوجدناها، وإن كانت إسرائيل لا تزال متمسكة بموقفها حد الإعلان قبل وصول بلينكن إلى تل أبيب بأنها ستبلغه بأن الفلسطينيين لن يعودوا إلى شمال غزة ما لم تفرج حماس عن المخطوفين لديها، بينما يقول وزير خارجية أمريكا بأنه سيتحدث مع الإسرائيليين بشأن الاتجاه لحملتهم العسكرية المستقبلية، ما يفهم على أنه سوف يتحدث عن وقف إطلاق النار.
* *
الوضع في غزة كارثي، وموقف أمريكا والغرب معيب، وعليهم بدلاً من دعم إسرائيل أياً كانت الأسباب إلزامها أولاً بوقف إطلاق النار، والعمل مع الفلسطينيين في جولات من المباحثات الجادة لقيام الدولة الفلسطينية بضمانات دولية للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، بحيث تُطوى صفحة الصراعات والحروب بينهما، وتنعم شعوب المنطقة بالأمن والاستقرار.