علي الزهراني (السعلي)
الكتابة عالم من الخيال هذا مبتدأ لا خبر له, كلنا لدينا معلومات ثَرّه نختزلها في الذاكرة، وأفكار وأحلام والكثير من الأماني ناهيك عن ما يَعْلَق فينا من مشاهدات يومية في طريقنا في بيوتنا مع أسرنا في قاعة درسنا في مقار أعمالنا مع زملائنا أصحابنا من نجلس معهم نقول ونسمع آلافاً من القصص والحكايات نتحاور فيما بيننا نثاقف ونتثاقف والأكيد مع ذواتنا هناك أسرار تختلج مع شعورنا في شتّى حالتنا كره، حب، غدر، حسد، غرام، فراق موقف، مواجهة، غضب.. ومع تلك الذاكرة المنسية منها والحاضرة تبقى في صندوق ذكرياتنا ولكن كيف نعبّر عن ذلك كتابة؟
هل فهمتم ما أرمي إليه من مقدمة؟ نعم بالضبط هذا ما قصدته وهو: أن الكاتب هو الذي يفرّغ هذه الحالات نيابة عنا وكأنه الوكيل المتهم والقاضي والجلاد معاً في حكمنا عليه ... المسألة أيها السيدات والسادة ليست حروفاً تجتمع لتكتب كلمات لالالا بل أبعد من ذلك بكثير.
الكاتب يتقمّص أدواراً بطولية في مقالاته كالكاتب المسرحي الذي حين يكتب نصه المسرحي يراه في عقله خيالاً بممثلين وديكور وأبطاله ومخرج وجمهور قبل أن يكتب حرفاً واحداً إذا نتفق جميعاً أن الكاتبَ يخرج ما بداخلنا من حياء نستحي أن نكتبه فعندما يكتب الكاتب مقالاً فهو أحد أربع مراحل في ذهن القارئ إما :
-يتوافق
- يتوازى
- يتقاطع
- يختلف
لذا هناك عِدّة جمل لابد من تداركها حين ننوي كتابة مقال .. ومنها:
إن فن كتابة المقال تحتاج إلى صياغة وإلى عنوان جاذب مشوّق يستفز يشاكس يجعل القارئ في حالة تأهب وكأنه يقول :
أوف أوف ايش العنوان ذا؟
والأهم ألا يكون طويلاً مملاً، وألا يكون قصيراً مخلاً.
المسألة ليست رصّ كلمات بجانب بعض فقط المسألة أبعد من ذلك بكثير
- لابد أن يعي الكاتب أن هناك قرّاء أذكياء يتفوقون على الكاتب، المقالة فن وليست مجرد زاوية رمى العنكبوت عليها شباكه ولات حين مناص تُقْرأ، المقالة تجسير ما بين القارئ والكاتب.
- ترك الحل غالباً - منهم كاتبكم - لدى القارئ الحصيف والعادي يبتكر علاج تلك الظاهرة أو القضية أو المسألة التي طرحها الكاتب، نعود الآن لعنوان مقال زاويتي ملامح وممالح من هي بطل أو بطلة أفكاري في مقالاتي؟ سؤال خطير دار بذهني وأنا أكتب هذا العنوان وإجابته أعتقد أخطر تعقيداً.
بطلتي هي :
- فتاة جميلة ذات ضفيرتين أو شَعْر غجري منثور على الأكتاف أو قرب .. ذات حلم طبعاً وحين أصحو تأتيني هكذا لا أعلم أجدني أحمل قلمي وأفض بكارة ورقي حينها تكون الأفكار حبلى بالتوائم العجيب والغريب مع أن الفكرة مختلفة عن حلمي بتاتاً.
-أتخيل فتاة خمسينية وجهها طفولي حُمْرة شفتيها تشرق في عيني، خدها كأن تفاحتين نبتت فيهما عندها جسمي تصيبه قشعريرة بترقب كأنه والعياذ بالله ملدوغ من كُوبرا، وحين تتبعثر خيالاتي أجدني أحمل شاشة هاتفي ضرباً على الحروف فتجلدني بقولها آمرة : قم فاكتبني.
- حوار مع من يضع وقوداً لسيارتي أتحاور معه أحاسبه أتلاطف معه في الختام أسلّم عليه مودعاً وكذا عامل الوجبات السريعة وبائع الشاي على الجمر والحلاق هذا حكاية أخرى المهم كل هذه المشاهدات تختزلني وفور عودتي في المقهى أجدني هكذا طواعية أكتب مقالاً بأفكار مختلفة عمن شاهدته.
- ابنتي الكبرى تثيرني بمحاورتي معها تستفزني وأستفزها تتناقش معي فيما أكتب توافقني في جانب ومختلفة في جوانب كثيرة وفور انتهاء النقاش بين سعلي وسعلية أجدني أكتب مقالي ليس له علاقة بكل نقاشي مع أثير روحي وتوأم عمري ابنتي الكبرى.
- نقاشي مع مدير مدرستي الفاضل أختلف معه أرفع همساً صوتي ينصحني أستشيره فيرشدني يشجعني كثيراً يحطمني قليلاً لصالحي يقول لي:
أنت مبدع لكن أسلوبك فيه لبس فاعتدل وأعود كما أنا وهكذا دواليك مرة اختطم اللاقط مني وغضبت أنه لم يرجعه لي كي أتحدث المهم كل هذا ينتهي بالسلام والمحبة وفور ذلك أجدني آخذ قلمي وأكتب مقالي مختلفاً عما دار بيني وبين مديري.
هي حوافز يبعثها الله لي لأكتب لكم أيها القرّاء الكرام كما تقرؤون هذا المقال وعند هذه النقطة تحديداً.
سطر وفاصلة
تعالي لأخطف من عينيكِ شعاع الهيام . وأرشف من شفتيك سُكّر الكلام . اجلسي بجانبي تحدّثي بصوتكِ وحولنا أسراب الحَمَام . مُدّي كفيك سأقبّل راحتها وأطبع بشفاتي حروف الغرام . تعالي وضمّيني لأتشهى أنفاس عطرك والسلام.