أمل بنت محمد المجاهد
جميلة تلك اللحظات التي استثمرنا فيها الكثير من المشاعر لدراسة المشاريع المشرقة وفهمها، تتجلى بذلك روعة تحقيق المراد.
حياتنا على وجه الأرض تتبنى قرارًا في كل شيء، لذا فإن كل إنجاز أو فشل سبقه قرار، وتختلف جودة ذلك القرار وهشاشته بناء على عمق دراسة تبعاته.
حقيقة، في سجلات تاريخ البشرية تتبين حقيقة وجود أسلاك تعثر قد تكون مخيفة في مشوار الحياة، فلا يوجد لدى البشرية سجل إنجازات مبهر لم يتعثر بأي من هذه الأسلاك المطعمة بالأمان.
إن عملية اتخاذ القرار تشبه إلى حد ما اختيار ملبوس مناسب لشخص ما، فأمامك العديد من المقاسات تحتوي على الكثير من التفاصيل ولكن عمق خبرتك ونوع علاقتك ترسم لك الخيار الأنسب. بمعنى آخر هي أن تواجه خيارات في مسألة من مسائل الحياة ثم تحلل وتنقح تلك الخيارات الممكنة والمقبولة وتبرز نقاط القوة والضعف ليتم ترشيح واحد منها بناء على الظروف والأحكام المحيطة ثم يتم تصويب واحد منها والتعايش معه، فالسرعة في اتخاذ القرار كمن يمشي في غابة مليئة بالحفر وهو معصب الأعين فبلا شك سيسقط في حفرة منها! فالتحليل المتأني لكل قضية مروراً بالأمور الدقيقة وانتهاء بالقضايا الصلبة هو الدواء، مستعينًا بآلية المشورة في كل مرحلة هي فحوى تلك العملية.
وقد عرف الباحثون عملية اتخاذ القرار بأنها عملية تفكير مركبة تتضمن التفكير الناقد والإبداعي وحل المشكلات، الهدف منها اختيار أفضل البدائل والحلول المتاحة للفرد في موقف معين، من أجل الوصول إلى التسوية الملهمة والهدف المرجو.
محترفو اتخاذ القرارات السديدة الحكيمة يتبنون طريقة تحريك ضوء الكشاف في كل مكان ليفصح ويرفع الظلام عن كل بقعة ليرى ماذا على السطح من أدلة تدحض المعتقدات وتتباين فيها وجهات النظر، فالخلاف في وجهات النظر هو تحدي للرأي والتفاعل مع العالم الحقيقي يستثير الأفكار الثرية، لأننا في الأحوال الطبيعية نسعى للبحث عن معلومات مؤكدة لما نعتقده ونؤمن به، فلنستنير بصفقات الأفكار، فكل قرار عبارة عن صفقة قد تنجح وقد تيأس من النجاح.
لندفع عجلة القرارات الحكيمة إلى الأمام بتوسيع دائرة الخيارات والنظر إلى مسافة بعيدة، فبعد النظر يولد الوضوح، فلا نختزل تلك الخيارات ولا ندعها تسيح. بمعنى، نتجنب الإطار الضيق في الخيارات ولا نزد من اتساعه فنصاب بالشلل لتحديد الأفضل فالموازنه مطلوبة.
يذكر لنا الكاتبان (تشيب ودان هيث) في كتابهما -الحسم - أن دراسة أجريت في مجال علم النفس وكانت نتيجتها أن قراراتنا تتعرض للتشوه بفعل مجموعة من التحيزات والتصرفات غير العقلانية، ولفرط الثقة بالنفس نبحث عن المعلومات التي تدعمنا ونستهين بتلك التي لا تفعل.
يمكن القول إن لكل منا قائمة تشغيل داخلية خاصة، فأخطر حكم يمكن تطبيقه هو الوثوق بحدسنا عند اتخاذ قرارات مهمة، لأن الحدس هو تكهن وتوهم وتنجيم، وهو قرار يمكن أن يقال عنه أنه «ارتجالي»، قد يكون مملوء بالنصائح - أياً كانت أهدافها المكنونة- والآراء الشخصية والمشاعر والعواطف التي لا تعطي جيدًا عند اتخاذ قرارات كبرى. فالمعرفة والبصيرة والدراية ثلاثي مميز في أعمدة التفكير.
أخيراً، لنعلم أن اتخاذ قرار في أي مسألة من مسائل الحياة سيؤثر إيجاباً أو سلباً على الشخص، فلنقلص من المشاكل والخسائر الكبيرة بدراسة آلية اتخاذ القرارات. لنشجع الخلاف بالرأي ونحلل الخيارات الموجودة في ذيل القائمة، ولنحسن طهي تلك الخيارات جيدًا ونتذوقها لنختار الأشهى والألذ منها.