عثمان بن حمد أباالخيل
البشر ومهما كان تعدادهم ومنذ بداية الخليقة بصمات الأصابع هي بمثابة إثبات هوية طبيعية يمتلكها كل إنسان، فالحلقات والدوائر الموجودة على الجزء العلوي من أصابعنا هي فريدة من نوعها بالنسبة لكل شخص البصمة لها شكلٌ خاص، أقواس، منحنيات، منحدرات، زوايا، تفرُّعات، خطوط، جزر، أخاديد. وحياة البشر متنوعة ومختلفة لكنها متشابهة في أحيان ربما تكون كثيرة.
كنْ نفسك ولا تكنْ نفس الآخرين وأوجد بصمة مختلفة عن الآخرين، ولا تسعى أن تكون صورة من أحد، بل كُن نفسك التي خلقها الله، كن أنت في كل مواقفك ومشاعرك وعواطفك واحاسيسك ولهجتك ومظهرك الخارجي، كن قريبا الي ذاتك فهي الباقية أبد الآبدين ما دام قلبك ينبض بالحياة، كن أنت بملامحك الأصلية وليست المزيفة.. ولا تلقى بنفسك في سراديب التقليد الأعمى والشخصية المنعدمة التي تلغي معها ذاتك.
طوّر ذاتك، اكتب أخطاءك في ورقة واعترف لنفسك أنك مخطئ فالإنسان يخطئ ولسنا معصومين من الخطأ، كنْ صريحا مع ذاتك وتواصل مع ذاتك الداخلية وانتصت لما تقول فهي صادقة سوف تجدها تسّر لك بما ينغِصها ويسعدها. لا تكن قاسيا على ذاتك حين لا تعجبك ما تسمع او تشعر به. يقول جِم رون: «إذا اشتغلت بتطوير عملك ستجنى دخلاً، أما إذا اشتغلت بتطوير نفسك فستجنى ثروة».
يرى علماء الاجتماع أن المقلد عمومًا شخصية تشكو من النقص وعدم الثقة بذاتها، ولا يمكن أن تحقق ذاتها وأن أتقن احياناً بعض التقاليد المقلدة التي تتلاشي في مهب الريح، فكم من إنسان قلّد لكنه تقلّد أخطاء محفورة في ذاكرته. اقتبس: (وإن كان هذا التقليد في حد ذاته خطرا، إلا أنه يزداد خطرا إن كان في مجال الدين، قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: «الواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به، وأن يقتصر على ما حده الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الدين القيم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، فلا يزيد فيه ولا ينقص منه، والذي ينبغي للمسلم أيضا ألا يكون إمّعَةً يتبع كلَّ ناعق، بل ينبغي أن يُكَوِّن شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى حتى يكون متبوعا لا تابعا، وحتى يكون أسوة لا متأسيا، لأن شريعة الله - والحمد لله - كاملة من جميع الوجوه كما قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً).
لا تقهر احدًا لكي تسعد نفسك، ولا تظلم نفسًا لتبرر أخطائك، حاول دائما أن تبني سعادتك بعيدا عما يؤذي الناس فالناس لا تنسي من أخطأوا في حقهم وإن طال الزمن. ولا تكن فرشاة ألوان بيد الآخرين يلوون ذاتك كما يريدون وليس كما تريد، ولا تضع على وجهك قناعاً يغير ملامح وجهك فتنسي نفسك وتظنها نفسا أخرى وأعجب من أًناس يقلدون الآخرين بعيونٍ عمياء كفانا الله شر العمى. كن على حقيقتك ولا تمثل الأدوار لا تتقنها فانت لست ممثلا بارعاً على خشبة مسرح الحياة، وفي مسرح الحياة هناك الكثيرون من يمثلون أدوارا يتقنوها لكنها لا تُمثلهم، هل الممثل الحزين سوف يصبح سعيداً، وهل الفقير سيصبح غنياً، وهل المريض سيصبح صحيحاً.
في وسائل التواصل الاجتماعي لماذا ننتقي صوراً قديمة جميلة ونضعها على الفيسبوك منتظرين تعليقات الثناء والانبهار والإعجاب، هل هذا سوف يغير الواقع أم تراه يغير ما في دخل ذاتك مهما يكنْ، كن كما أنت في كل حالاتك. (تحدثك دائما عن نفسك دليل على أنك لست واثقا منها).