أ.د.عثمان بن صالح العامر
تشرفت بدعوة كريمة لحضور المحاضرة التي أقيمت مساء يوم الأربعاء الماضي 10/ 1/ 2024م، في رحاب منارة حائل الفضائية، وبرعاية كريمة من سمو الأمير بدر بن فهد الفيصل آل سعود رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لهواة اللاسكي، والموسومة بـ(السياحة الجيولوجية بمنطقة حائل) ومثل هذه المواضيع الجديدة (السياحة الجيولوجية) تلفت الانتباه، وتجبرك على الحضور رغم انشغالك، خاصة عندما يكون المتحدث عن هذا النوع من السياحات ذات البعد المعرفي والعمق التحليلي والرصد الميداني سعادة الأخ العزيز: عقيل بن محسن العنزي، الإعلامي المميز؛ والمحلل لاقتصاديات الطاقة والتعدين المعروف، ويصاحبه على منصة التقديم مديراً لهذه الفعالية النوعية الإعلامي الفذ، سعادة الأستاذ: عبد العزيز الغرير.
المحاضرة ثرية بالمعلومات الهامة، التي أجزم أن خلف جمعها جهداً معرفياً مرهقاً، بذله مقدمها طوال فترة زمنية ليست بالقصيرة، فضلاً عن الجولات الميدانية العديدة التي قام بها محاضرنا متنقلاً بين جهات حائل الأربع بتضاريسها المختلفة، مصوراً ومستكشفاً وراصداً، واستطاع في ساعة واحدة ماتعة بحق عرض ما انتهى إليه من معارف ونتائج بأسلوب سلس سهل رائع بديع.
لن أعيد ما قيل في ذلك المساء، ولن أؤكد ما انتهى إليه من نتائج جوهرية وتوصيات مفصلية، خشية الإطالة والتكرار خاصة أن هناك من الزملاء الإعلاميين من قام بتغطية مميزة لها، ولكنني على ضوء ما قيل أشير إلى أهمية:
- تغيير المفاهيم السياحية المتوارثة لدى شريحة عريضة منا، عن أن السياحة مجرد ترفيه وتسوق، إذ أن هناك على سبيل المثال لا الحصر متعة حقيقية فيما حبانا الله إياه من تكوينات جيولوجية رئعة، البعض منها لا مثيل لها في الكرة الأرضية أجمع، ولهذا النوع من السياحات روادها ومحبوها المتعطشون لها داخل المملكة وخارجها، مثلها مثل بقية أنواع السياحات المختلفة المعروفة والتي لكل واحدة منها لنا نصيب قل أو أكثر، ما عدا ما هو محرم في شريعتنا الغراء مصدر عزنا، وعنوان مجدنا، ودستور وطننا العزيز المملكة العربية السعودية.
- إعداد الدراسات الميدانية التي تعزز وتدعم سياحتنا الجيولوجية سواء ما كان منها له صلة بالجبال كعدد الكهوف وأشكالها، وارتفاع الجبال وألوانها، وواحاتها الخضراء وجماليات إطلالتها، أو الصحاري برمالها الذهبية وتموجاتها الربانية، أو الأحجار الكريمة بتشكيلاتها البراقة الأخاذة بالألباب، أو البراكين المتنوعة شكلاً وسبباً، أوالمياه الكبريتية المعجزة شفاءً ودواءً.
- الاستعداد الحقيقي (لعالمية حائل) تلك التي أعلنها صراحة صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز أمير المنطقة، وذلك بتنوع وتعدد الأنماط السياحية وتكاملها مع بعضها البعض لتلبي رغبات السائح المحلي والعالمي في ظل الضوابط والتعليمات التي تضعها الجهات ذات الاختصاص على ضوء مرجعيتنا الوطنية ذات الخصوصية الشرعية المعروفة، وهذا ما أكد عليه ولاة أمرنا وقيادتنا الحكيمة، وهو ما تعمل من أجل الوفاء به وتحقيقه جميع القطاعات التنموية الثلاثة في المنطقة (الحكومي والخاص والقطاع الثالث الأهلي أو ما ينعت بغير الربحي) خاصة الهيئة السعودية للسياحة، وفرع هيئة التراث في حائل المناط بهما تعزيز تواجدنا السعودي/ المناطقي في الخارطة العالمية، بقيادة ومتابعة وتحفيز وتشجيع من لدن سمو أمير المنطقة، وسمو نائبه حفظهما الله، وعلى ضوء رؤية المملكة 2030 التي اعتبرت السياحة من أقوى روافد تنوع مصادر الدخل الوطني.
- إبراز الثراء السياحي في المنطقة عالمياً، وبيان أبعاده التنموية وآثاره الاقتصادية، وذلك بالتسويق الإعلامي والعلمي الجيد باللغات العالمية المختلفة خاصة اللغة الإنجليزية، مع دراسة توجهات السياحة العالمية وتسويق كل نوع سياحي لدى الشعوب التي عرف عنها الميل لهذا النوع من السياحات بالذات، إذ أن هناك من لديهم ميل للسياحة الثقافية، وآخرون يعشقون السياحة الفلكية، وصنف ثالث الجيولوجية، ورابع الزراعية، وخامس سياحة الترفيه والتسوق، وسادس سياحتهم لها صلة بالعادات والتقاليد وقيم الإنسان، وسابع تأسرهم جماليات المكان بشكل عام، وهكذا.
- توفير جميع الخدمات اللوجستية التي تضمن توافد السواح إلى الأمكان السياحية الجيولوجية بسهولة ويسر بدءاً من تيسير الرحلات الجوية بأسعار مناسبة من جميع العواصم العالمية فضلاً عن مناطق المملكة المختلفة، وزيادة عدد رحلات القطار، وانتهاءً بتوفير استراحات نظيفة ومهيأة وتشجيرها وصيانتها الدورية لأخذ السواح قسطاً من الراحة بعد إنهاء جولتهم الميدانية وتناول المأكولات والمشروبات الخفيفة الطازجة كما هو معروف في الدول التي تولي هذا النوع من السياحات جل اهتمامها، مروراً بتعبيد الطرق المؤدية لهذه المناطق السياحية، ووضع لوحات إرشادية وتعريفية بالمكان المقصود، وإعداد المرشد السياحي المتمكن معرفياً، المتسلح بالأخلاق والقيم الإسلامية التي تعكس الشخصية السعودية الحقة، الحكيم في إجاباته على الأسئلة الاستفزازية أو التشكيكية التي قد تكون ذات مغزىً مبطن بعيداً عن مهنته الأساس (الإرشاد السياحي) ولها ظلالها السياسية والفكرية ذات الصبغة العالمية.
شكراً لأبي تركي على هذه المحاضرة الرائعة، شكراً لمدير اللقاء، للحضور المتميز، لسمو الأمير لتشريفه هذه الفعالية، لسعادة الأستاذ عبد الرزاق الطريفي لرعايته ودعمه، للمنارة التي ربطت في هذه الأمسية المتميزة (السياحة الجيولوجية) بين عالمي الأرض والسماء في حائل التي (هي جميلة بذاتها ولا تحتاج إلى مرأة للتجمل) كما قال ذلك عنها سمو أميرها المحبوب، شكراً لإدارة الفضائية والعلاقات العامة فيها على جودة التنسيق، وحسن الضيافة وروعة الاستقبال، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.