علي حسن حسون
صفحات الماضي تعج بالأحداث الدموية والصراعات التي مرت بها شعوب العالم، فهناك أسماء خلدها التاريخ لفظاعة أفعالهم الممزوجة بداء العظمة والجبروت، حيث لُطخت أيديهم بدماء الأبرياء فهم لا يعيرون أي اهتمام لحقوق الإنسان الطبيعية في هذه الحياة، بل ساروا في اقتراف أبشع الجرائم في سبيل الحفاظ على عروشهم الهشة المحاطة بغشاء البطش والظلم وهذه حقيقة حياة الغاب في القرون الأولى.
أما عن القرون التي توالت فلم تخلو أيضاً من المجازر والإبادات ففي أواخر القرن الثامن عشر وصولاً إلى التاسع عشر تحدث التاريخ عن (الحكم الفاشي) الذي بدأ في إيطاليا على يد (موسوليني) وظهر في ألمانيا أيضاً وقد عانت الشعوب إبان ذلك الحكم من القمع والتعذيب والتطهير العرقي (الهولوكوست) وغيرها من أنواع العذاب وشهدت تلك الحقبة اندلاع الحرب العالمية الثانية بقيادة الزعيم النازي (أدولف هتلر) إلى أن انتهت بالقصف الذري على هيروشيما وناجازاكي وخلفت ما خلفت من مأس وانتهاكات قسمت على شعوب العالم ونالهم ما نالهم من الاضطهاد والتهجير وما إلى ذلك.
وهذا غيض من فيض، حيث لم يصل إلينا إلا الشيء اليسير من تلك الأحداث لماذا؟ هل لأنه لم يكن هناك اهتمام بكتابة التاريخ؟ أم هناك أمر ما قد حدث؟
يذكر التاريخ أن المخطوطات والوثائق والمصادر والكتب التاريخية الغربية والأعجمية والعربية التي خطها الكتَّاب القدماء والرواة على مدار القرون السابقة قد تعرضت لعدة هجمات كانت كفيلة باندثارها وطمس تاريخها العريق. أولاها حادثة التدمير الثقافي التي جرت في برلين عام 1933 التي تمثَّلت في حرق المئات من المؤلفات والكتب فحالها حال المكتبة الفاطمية في مصر التي تعرضت للهجوم في عهد المماليك ومكتبة بيت الحكمة في العراق التي تم تدميرها بالكامل من قبل المغول.
بعدها استطاع العالم أجمع أن يستشعر أهمية حفظ التاريخ وتوثيقه ولملمة ما تبقى من الموروث القديم.
ولكن للأسف الشديد نشهد اليوم موجة عارمة في الإعلام الغربي والعربي لمحاول تزييف التاريخ وإظهاره خلاف ما كان عليه وإخفاء الحقيقة وذلك من خلال بعض الأقلام التي لا عهد لها مع المصداقية ولا تمتلك شيئاً من أدبيات المهنة فالواقع اليوم تكسوه الغرابة، فهناك من يضع الظالم في خانة المظلوم والعادل في منزلة الجائر والمفسد نزيه والنزيه فاسد والمعتدي الغاشم أصبح اليوم شهيداً؟!
مهما بلغتم في صناعة التحريف تذكروا أن الشمس لا تغطى بغربال وأن الزيف لا يدوم طويلاً فجاهدوا قدر ما استطعتم وسيأتي ذلك اليوم الذي يزاح فيه الغبار عن الحقيقة.
أخيراً أقول يجب علينا أن نحافظ على كتابة تاريخنا اليوم ونسعى جاهدين بأن يكون مرجعاً تثق به الأجيال القادمة وتستند عليه لأن فهم التاريخ يسهم في توجيه المستقبل نحو الطريق الأكثر إشراقاً.