تغريد إبراهيم الطاسان
يعد مشروع المسار الرياضي، أحد مشاريع مدينة الرياض الأربعة الكبرى التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قبل أربعة أعوام، لكنه برأيي يعد من الأبرز بين المشاريع العملاقة التي تنفذ في العاصمة السعودية في الوقت الحالي؛ فهو مشروع رائع بحد ذاته، وفي جوهره قطعة أخاذة من التجديد الحضري المستدام والعالمي، كما يضفي قسماً مهماً في تاريخ تطوير مدينة الرياض، ويصنع مساراً حضرياً ومستداماً لأجيالنا القادمة، بما يحقق أهداف رؤية المملكة 2030 برفع تصنيف الرياض بين نظيراتها من عواصم العالم، وتعزيز مكانتها بين المدن الأكثر ملاءمة للعيش في العالم.
ويمثّل المشروع مفهوماً جديداً لرفاهية الحياة وجودتها ونقلة نوعية، يمكن لها أن تغير معالم المدينة وحياة ساكنيها مدنياً وتنموياً وحضارياً، حيث ينتظر أن يقود المسار الرياضي عملية التغيير في الجانبين الرياضي والصحي، عطفاً على ما يتمتع به من مزايا تتمثل في امتداده على أكثر من 135 كم طولياً، مما يجعله أطول حديقة خطية في العالم، بما تشتمل عليه هذه المسافة من 60 موقعاً رياضياً، منها 15 ملعب كرة قدم، و18 ملعباً مغطى، و12 مفتوحاً، و85 كم مخصصة للدراجات الهوائية، و135 كم من مسارات الدراجات للمحترفين، و123 كم من مسارات للخيول إضافة إلى العديد من المرافق الرياضية.
ليس ذلك وحسب، بل إن المسار الرياضي يوفر 4.2 مليون متر مربع من المسطحات الخضراء، والمناطق المفتوحة بمساحة تزيد عن 3.5 كيلو متر مربع، ومتنزه صحراوي تبلغ مساحته 20 كيلو متراً مربعاً، ومواقع للفعاليات، وساحات للعروض، ومسارح وسينما في الهواء الطلق، كما ستكون هناك مناطق مخصصة لمناطق الاستثمار، إلى جانب مجموعة متكاملة من النشاطات الترفيهية والتجارية، والمعالم، والأعمال الفنية والثقافية.
ولا شك أن المشروع بمجرد اكتمال مراحل تنفيذه، سيغيّر معالم العاصمة السعودية ويثري نمط حياة ساكنيها، ذلك أن من أبرز أهدافه تشجيع الناس كافة على ممارسة الرياضة والمشاركة فيها بمرافق مهيأة وآمنة، مرحباً بجميع سكان الرياض وزائريها بشكل عام بغض النظر عن مستواهم الرياضي، حيث سيجذب عشاق الرياضة من المشاة وراكبي الدراجات المحترفين والهواة وراكبي الخيول، جنباً إلى جنب مع عشاق الفن والثقافة وأصدقاء البيئة، وأيضاً كل من يبحثون عن مكان جميل للتنزه والاستمتاع بأوقاتهم، وسيقدم لهم خيارات متعددة تساعد الجميع في تغيير عاداتهم السيئة، بعدم ممارسة الرياضة بسبب ندرة المرافق الرياضية الآمنة، وبذلك فهو سيساعد المواطنين والمقيمين والزوار على اتباع أنماط صحية في التنقل وتقليل درجات الحرارة، وسيحفزهم على ممارسة الرياضات المختلفة في محيط زاخر بالأنشطة والفعاليات الفنية والثقافية والترفيهية والبيئية، مما ينعكس إيجاباً على تلبية احتياجاتهم الصحية والنفسية، وأيضاً على تحصيلهم الدراسي وإنتاجيتهم في العمل والتخلص من بعض الأمراض والترفيه للترويح عن النفس، وبالتالي يُحسّن سلوكهم ونمط حياتهم بما ينسجم مع أهداف وتوجهات الرؤية السعودية.
باختصار، فإن المسار الرياضي يعد أحد المشاريع النوعية التي تخدم بلادنا، وتدشّن عنواناً جديداً لمستقبل التخطيط والعمران في مدينة الرياض، حيث يعمل المشروع بدوره على تحسين أنماط حياة سكان العاصمة والارتقاء بجودتها، بما يسهم في تعزيز علاقاتهم الاجتماعية وزيادة مخزونهم الثقافي، تحقيقاً لمستهدفات الرؤية الوطنية ببناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح.