سعود عبدالعزيز الجنيدل
تناولت المقالة في جزئها الأول إشكالية من يمارس التدقيق اللغوي، إضافة إلى عدم وجود رخصة تخوّل لصاحبها ممارسة المهنة، فحملك شهادة البكالوريوس في اللغة العربية، فضلاً عن اختبار يجرى من الجهة الراغبة في التوظيف، تختلف مستوياته وشموليته، ولا توجد مرجعية عليا له، يتيحان لك ممارسة مهنة التدقيق اللغوي.
وفي رأيي أن هذه الطريقة غير ناجعة، وأرى أن تكون هناك جهة عليا تمنح رخصاً متخصصة لممارسة التدقيق اللغوي، إضافة إلى شهادة مثل «الإجازات في القرآن الكريم والقراءات»، ولو لاحظنا أن الإجازات في القرآن - كما أعلم - لا تشترط التخصص أو أن يكون هناك مؤهل جامعي، بل لها اشتراطات تتعلق بصميم شهادة الإجازة.
ولو رأينا الممارسة الفعلية للتدقيق اللغوي في واقعنا سواء الجامعي من خلال الرسائل العلمية أو حتى المحتويات في وسائل التواصل الاجتماعي أو الخطابات الرسمية، لوجدنا أنه لا يوجد سند أو دليل على أن النص مدقق، سواء قولنا هذا مدقق، فمن دققه؟ وما مستواه العلمي في اللغة العربية؟ وهل يحمل رخصة تؤهله للتدقيق؟ وماذا عن المراكز البحثية والمنصات التي تطرح هذه الخدمة فهل يا ترى معها رخص مهنية؟ أم هي مجرد تجارة وباب رزق؟
أسئلة كثيرة تطرح، ولا إجابات لها، ولا غرو أنك تجد محتويات منشورة تحوي كثيراً من الأخطاء اللغوية المختلفة، وكم أتمنى أن تنظم ممارسة هذه المهنة، وينبري لها أناس يتقنون اللغة بغض النظر عن تخصصاتهم، فالمعيار إتقان اللغة وتحصيل علومها سواء من الكتاتيب أو المساجد أو المدارس والجامعات أو حتى بطون الكتب، وتكون الرخصة المهنية هي البرهان والدليل على الإتقان، ويكون هناك أشخاص يشتهرون بالتدقيق اللغوي كأنهم ماركات عالمية، فيقال هذا العمل من تدقيق فلان، والعمل الآخر من تدقيق فلان.
ويبدو أن مجمع الملك سلمان العالمي لخدمة اللغة العربية هو أقدر الجهات المتخصصة التي يمكن أن تحمل لواء هذه المبادرة، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، حتى تتسنى ممارسة مهنة التدقيق اللغوي بشكل متخصص واحترافي، وبما ينعكس على خدمة لغتنا العربية، لغة القرآن الكريم.
ولعلي أختم بقولي، إنه من الواجب ترتيب ممارسة هذه المهنة، وهذا هو حق اللغة العربية علينا، فمن يعلق الجرس؟