م. بدر بن ناصر الحمدان
أمي، هي من تجعل المكان جميلاً، والوجهة أجمل، المدينة التي تعيش فيها أمي هي سيدة المُدن، والشارع الذي تمر به هو ممر الحياة، فالجمال عنوانه حيثما تكون هي، فلا معايير أخرى، بالنسبة لي لا مكان على هذه الأرض يضاهي مكان أمي ومكانتها.
أتذكرين يا أمي تفاصيل تلك الأيام التي مرّت بنا ومررنا بها، كانت رحلة جميلة عشناها معاً، ذاكرتي حُبلى بكل شيء فعلتيه من أجلي، بالرغم من تلك الأوقات الصعبة التي لم نكن لنتجاوزها لولا رحمة الله ثم ما قدمتيه من بذل وعطاء وصبر لم يكن لغيرك أن يقوى عليه، ولكنك أنتِ من تكفل بها، لقد كان شرفاً كبيراً أنك أمي.
بدونك، لم يكن أن يكون لهذه الحياة أي معنى، ولا للعيش طعم، فأنتِ من يصنع قيم المكان والزمان، ومن يمنح للغد رغبة الانتظار، والملاذ الدافئ لنا مهما كانت أعمارنا، صغرنا أم كبرنا، لا خيار لنا سواك، أنتِ الظل الذي نلجأ إليه، حين نبحث عن الأمل، والمشاعر، ونبني قائمة الأمنيات.
أتدرين يا أمي، بعد كل هذا العمر، لازلت أذكر تفاصيل مشهد وداعك لي حين ذهابي إلى المدرسة وانتظارك لي حين العودة منها، لسنوات طوال، وعيونك التي كانت ترقبني وترعاني أينما كنت، وأحلامي التي بنيتها على ضفاف تحفيزك لي في كل مرحلة من ذلك العمر الذي مرّ دون أن ندري، ودون كلل أو ملل منك، حياتي معك لا يمكن أن تفي بها أية حروف، أشعر بفخر كبير لتتلمذي على يديك منذ يومي الأول في رحلة التعليم، لا أنسى أبداً، كيف كنتِ سنداً لي في كل تلك المحطات الصعبة التي مررت بها، أنا مدين لك حتى نهاية الرحلة وبعدها.
على سبيل الاعتزاز، كفاني أنك أمي.