عمر إبراهيم الرشيد
خطوة محمودة تلك التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم في ميدان التعليم الجامعي، حين قررت السماح للطلبة بدراسة تخصصين، وهذا تطوير لطالما تمناه الكثيرون في السابق ولعدة أسباب.
كبداية، التخصص لم يكن متبعاً في التعليم قبل قرنين أو أكثر، ولم تكن العلوم على اختلافها بهذا التقسيم والتخصصات الدقيقة، بل كانت تجمع تحتها عدة تخصصات، فالعلوم كانت تضم الكيمياء والفيزياء والأحياء، والطب كان يضم الطب البشري والنفسي والصيدلة، والعلوم الإنسانية تشمل علم الاجتماع والنفس والتاريخ، على أن الفلسفة هي أم جميع هذه العلوم منذ عهد الإغريق والرومان، ولذلك يُكتب في شهادة الدكتوراه وفي كافة التخصصات (دكتوراه الفلسفة في التاريخ على سبيل المثال) بحكم أنها أم العلوم وأن أطروحة الدكتوراه تتبع المنهج الفلسفي في إثبات نظريتها.
ولذلك فإن جامعات عالمية نهجت قبل سنوات إلى ضم تخصصات إلى أخرى وذلك حسب رغبة الطلبة، لأن العلوم لاتنفصل عن بعضها، فالطب يحتاج إلى علم النفس وعلم الاجتماع، وعلم الحاسب وتقنية المعلومات يحتاج إلى الرياضيات وهكذا، ولأن التخصصات الدقيقة أفادت من جهة تركيز الخبرة بسبب تشعب وتوسع النشاطات البشرية، لكنها خففت من إلمام المتخصص بأطراف العلوم الأخرى التي تزيد من مهاراته المعرفية وخبراته الحياتية. إتاحة تخصصين للطلبة والطالبات في الجامعات السعودية يزيد من فرصهم الوظيفية، ويوسع آفاقهم الأكاديمية والمعرفية، وبالتالي يصبح الخريج متسلحاً بأدوات تؤهله لفرص عمل أفضل تناسب ماحصل عليه في حياته الجامعية، بل ويصبح أكثر ثقافة وأوسع أفقاً حتى في حياته الاجتماعية إذا أحسن، وأحسنت، الجمع بين تخصصين.
العلوم تكمل بعضها البعض، ولذلك قيل في أحد تعريفات الثقافة إنها (الإلمام من كل علم بطرف) وهنا فليس كل متخصص مثقفاً بالضرورة، لأن الثقافة تأتي بتوسع القراءة وكثرة الاطلاع، إلى اللقاء.