د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
شاركت السعودية بوفد رفيع المستوى في اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس، مؤكدةً دورها في مواجهة الكثير من التحديات العالمية، خاصة فيما يتعلق بسلاسل الإمداد وبناء القدرات ودورها المحوري في التحول تجاه الحياد الصفري، خصوصاً وأن رؤية المملكة 2030 تتقاطع مع العديد من القضايا العالمية المهمة مثل التغير المناخي والتنمية المستدامة والابتكار.
حيث يعتبر منتدى دافوس فرصة لتسليط الضوء على جهود السعودية وتقدمها في هذه الجوانب بشكل خاص مما ينعكس على ضخ استثمارات جديدة في الصناعات الجديدة القائمة على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والابتكار والتكنولوجيا لتحقيق التنافسية واستثمار الميزة النسبية التي تتمتع بها السعودية من حيث الموقع الجغرافي الذي يربط القارات الثلاث لتعزيز أمن إمداد سلاسل الإمدادات التي تأثرت بمخاطر جيوسياسية عديدة، وهو ما يؤكد على أهمية تحقيق الممر الهندي إلى أوروبا عبر السعودية للتغلب على مثل هذه التحديات مستقبلاً.
لهذا يتطلب من السعودية بناء شراكات دولية لمواجهة التحديات المعاصرة وبشكل خاص في مجالات الغذاء والمياه والطاقة إضافة إلى الوصول للمعادن الحيوية التي تشكل أهمية بالغة في دعم التوجهات العالمية للتحول نحو الطاقة النظيفة خصوصاً بعدما أعلنت السعودية أن قيمة ثرواتها المعدنية تضاعفت، وتمتلك معادن نادرة وبشكل خاص اليورانيوم الذي يمكّن السعودية من تصدير الكهرباء إلى أوروبا.
كما تتطلب هذه الجهود المشتركة لمواجهة التحديات العالمية دعم الاستقرار الإقليمي والدولي للاستجابة للقضايا الـ 8 الرئيسية المتمثلة في المناخ والبيئة، وصنع اقتصادات أكثر عدالة، والتكنولوجيا والابتكار، والوظائف والمهارات، وتحسين بيئة الأعمال، والصحة والرعاية الصحية، والتعاون الدولي، والمجتمع والعدالة.
تشارك السعودية في اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس بمسيرة حافلة بالعديد من الإنجازات والاتفاقيات والشراكات والمبادرات التي تأتي نتيجة ما حققته في مختلف الأصعدة سواء كانت في الاقتصاد، أو التقنية، أو البيئة، أو المجتمع، أو الصناعة، أو على الصعيد الجيوسياسي.
أبرزت السعودية جهودها في دعم الاستقرار الإقليمي والدولي من خلال دورها الريادي في دعم استقرار أسواق الطاقة، والقيادة في تعزيز التوازن بين مصالح الدول المنتجة للطاقة والمستهلكة لها، إلى جانب تحركاتها في مجال الطاقة المتجددة.
السعودية إحدى أبرز الفاعلين في المنتدى التي تطالب كما يطالب المجتمع الدولي إعادة بناء الثقة في عالم منقسم لتنتهي إلى أنه لا يزال أمام العالم طريق طويل ليقطعه، من الحروب الشاملة في أوكرانيا والشرق الأوسط، وهناك شكوك في أن رؤساء الشركات وخبراء التكنولوجيا يسعون لجني الأموال عبر الاستغناء عن العمال واستخدام الذكاء الاصطناعي بديلاً، لكن يرى كبار رجال الأعمال أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يعزز الإنتاجية ويقلل المهام الروتينية، لكن الرافضين يخشون أن النمو الهائل للتكنولوجيا يسير بسرعة كبيرة للغاية بالنسبة للمنظمين، ويهدد بطرد الناس من وظائفهم، وأن البشر يجب أن يحافظوا على سيطرتهم وألا يسمحوا للتكنولوجيا باتخاذ قرارات حاسمة من تلقاء نفسها، فلا يزال العالم يعاني من الثقة غير المتوفرة حسب تقرير لوكالة أسوشبيتد برس، لكن اجتماع المنتدى العالمي يمكن أن يساعد في خلق نقطة انطلاق لإعادة بناء الثقة.
رغم ذلك هناك استنتاج عام بأن الصورة الاقتصادية العالمية أكثر إشراقاً قليلاً مما كان يعتقد، حيث يبدو أن أسعار الفائدة والتضخم بلغت ذروتها في أغنى الأسواق، وأن منطقة اليورو رجل أوروبا المريض وهو تعبير استخدم في أواخر التسعينيات من القرن المنصرم بعد إعادة توحيد ألمانيا، بعد انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في أكبر اقتصاد في أوروبا 0.3 في المائة في عام 2023، بعد نمو بنسبة 1.8 في المائة في 2022 رغم ذلك فهو اقتصاد صلب بحاجة إلى إصلاحات هيكلية.
لكن لا أحد قادر على تخمين مصير التوترات والحروب والانتخابات التي تلوح في الأفق في أماكن مثل الولايات المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي وجنوب إفريقيا، وقدرة هذه الأحداث على إعادة توجيه العالم.
كذلك السعودية وفق تصريح وزير المالية السعودي محمد الجدعان في دافوس أن السعودية مصممة على متابعة الإصلاحات الاقتصادية خصوصاً وأن العالم بحاجة لسعودية قوية والسعودية مصممة على تحقيق ذلك بعدما بات النفط يشكل 35 في المائة من اقتصاد السعودية من مستويات 70 في المائة سابقاً.