د.عبدالله بن موسى الطاير
أعداء ترامب الجمهوريون يتسابقون إلى تأييده بعد فوزه في ولاية أيوا، حيث يثبت يوماً بعد الآخر أنه الحصان الرابح للحزب للرهان الجمهوري. تقدم على الملأ تيد كروز، وماركو روبيو، ودوغ بورغوم، من بين أعضاء الحزب لاحتضان الرئيس ترامب يقيناً منهم أن أحداً من بين أعضاء الحزب لن يستطيع منافسته، تسليماً بالقدر، وقفزاً إلى عربة اهتمام الرئيس قبل أن تزدحم بالطامحين إلى رضاه. بالقدر الذي يجيد فيه الرئيس ترامب قمع الآبقين على نفوذه داخل الحزب، فإنه يتقن علف الجزر لآخرين من أمثال دوغ بورغوم حيث يغازله علناً بقوله: «إنه أحد أفضل حكام الولايات في بلادنا، وآمل أن أتمكن من دعوته ليكون جزءاً مهماً جداً من الإدارة». تستحق هكذا عبارة تقاطر وفود الجمهورين المهنئين، ومقدمي فروض الولاء والطاعة للإمبراطور الجمهوري. وبالقدر الذي تصل فيه مبكراً إلى حضرة الرئيس القادم قبل أن يزدحم الأفق، يكون لك في ذاكرته مكانٌ، وفي اهتمامه موقعٌ، خاصة وأنه عُرف بسرعة تغيير وزرائه والمسؤولين في حكومته عبر تغريدات منصة توتير، X حالياً، مما يجعل الفرص مضاعفة أمام القادة الجمهورين ليكونوا جزءاً من جهازه التنفيذي إذا عاد للبيت الأبيض.
الرئيس الذي تمت محاكمته مرتين لعزله، ووجهت إليه اتهامات جنائية في 91 قضية، يتقدم بقوة نحو البيت الأبيض، فيما تتفاقم متاعب الديموقراطيين خارجياً، ولكنهم غير قلقين من ترامب بسبب أن بايدن يبلي حسناً داخلياً.
ولأنه من الطبيعي أن يحتفل ترامب بترميز فوزه في ولاية أيوا على أنه نصر مؤزر، لم يظهر القادة الديموقراطيون قلقاً واضحاً، بل إن حاكم إلينوي الديموقراطي جيه بي بريتزكر اعتبر فوز ترامب الساحق بالولاية علامة سيئة لحملته، إذ لم ير بريتزكر، مستشار حملة إعادة انتخاب بايدن، أن المؤتمرات الحزبية التي جرت يوم الاثنين كانت بمثابة انتصار كبير لترامب، مبرراً ذلك بأن «ما يقارب نصف قاعدة الحزب الجمهوري التي ظهرت في تجمع ولاية أيوا صوتت ضد دونالد ترامب (49 %)، مضيفاً تأكيد علمه «بأن المستقلين لا يحبون دونالد ترامب».
بالقدر الذي نظر الجمهوريون من أتباع ترامب إلى أن الفوز بـ51 % من الجمهوريين في ولاية أيوا على أنه نصر مؤزر يضع مرشحهم منفرداً على قمة الهرم الجمهوري، حذر مذيع شبكة «إم إس إن بي سي» جو سكاربورو، من أن فوز الرئيس السابق ترمب في ولاية أيوا قد يعني «أخباراً سيئة» لفرصه في العودة للبيت الأبيض، وأردف قائلا: إن «50 % من الجمهوريين لم يصوتوا له، وأن ثلثهم يكرهونه في الولاية»، وبلغة الشامت يعقد المقارنة بين ترامب وأوباما عندما أوضح أن فوز ترمب في ولاية أيوا لا يشير إلى قوة الحزب الجمهوري، وأنه لو حصل أوباما على إجازة لمدة أربع سنوات وترشح في المؤتمرات الحزبية الديمقراطية في ولاية أيوا، لكان قد حصل على أكثر من 90 % من الأصوات، مقارنة بحوالي 50% لترمب».
بلا شك أن فوز الرئيس ترامب بترشيح نصف الجمهوريين في ولاية أيوا قد بعث في حملته وبين مؤيديه الأمل والحماسة، لكنه في الوقت ذاته أثبت أن هناك النصف تقريباً من الجمهوريين لم يصوتوا ناهيك عن الديموقراطيين الذين لن يصوتوا يوماً له. ويوماً بعد يوم، وإلى حين المؤتمر الجمهوري العام في منتصف يوليو 2024م سيتصاعد الجدل حول حظوظ ترامب في الفوز بترشيح الحزب، وهو الأمر الذي يغيب حتى الآن عن الحزب الديموقراطي الذي يلقي بثقله خلف الرئيس بايدن.
لا أظن أن أحداً من الجمهوريين سيفوز بترشيح الحزب في مؤتمره العام سوى ترامب، ولكني لست متأكداً أن الجمهوريين سيصوتون له في الانتخابات العامة بالقدر الكافي لحمله إلى البيت الأبيض، فانتخابات ولاية أيوا بقدر ما بثت النشوة في ترمب وحملته، لكنها نبهتهم إلى خطورة فقدان ثلث إلى نصف الجمهوريين. وفضلاً عن الحسابات الحزبية التي لا تغير كثيراً في صيرورة كل فريق إلى صاحبه، إلا أن اتساع دائرة المستقلين ستكون حاسمة كما هي في كل انتخابات، وظني أنها لن تكون لصالح الرئيس ترمب.