خالد بن حمد المالك
قال رئيس وزراء إسرائيل بأنه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية ما بقي رئيساً للوزراء، وذلك رداً على تصريحات أمريكية وغربية تقول بإقامة الدولة الفلسطينية لضمان أمن إسرائيل والمنطقة، وما قاله نتنياهو يقوله بقية المسؤولين في دولة الاحتلال، منذ عام 1948م سنة إقامة الدولة العبرية وحتى الآن، ما جعل الصراع يتجدد، والخسائر تكبر، والإصرار الفلسطيني لإقامة دولة لهم يتعاظم، وهو ما لم تستوعبه تل أبيب، وهو ما جعل حرب غزة جرس إنذار لإسرائيل ولكل من يدعمها على أن المستقبل ينذر بما هو أخطر.
* *
صحيح أن إسرائيل تستخدم حرب إبادة، وتطهيراً عرقياً، ومنع كل مقومات الحياة عن الفلسطينيين للوصول إلى القدرة في منع إقامة الدولة الفلسطينية، ولكن إسرائيل حتى الآن لم تنجح بعد أكثر من سبعين عاماً من الصراع في تحقيق هذا الهدف، حتى أن واشنطن بدأت تشعر بخيبة أمل مع ازدياد عدد الشهداء من الفلسطينيين، وبأرقام فلكية ما جعل جنوب إفريقيا تتقدم بشكوى إلى محكمة العدل الدولية، متهمة إسرائيل بممارسة حرب إبادة، وفقاً لحقائق ومشاهد وأرقام تدعم صحة الشكوى، وإن رفضت أمريكا وإسرائيل القبول بذلك.
* *
هذا التغير لصالح قيام الدولة الفلسطينية على مستوى العالم شعبياً وحكومياً، وحتى داخل إسرائيل، ما يجعل نتنياهو وأعضاء حكومته المتطرفين في موقف ضعيف، نسبة لوجود الأسرى الإسرائيليين في قبضة الفلسطينيين، وازدياد القتلى والمصابين بين عناصر الجيش الإسرائيلي ما لم تعتد عليه إسرائيل في كل حروبها السابقة مع العرب والفلسطينيين، وهو ما يجعل قيام الدولة الفلسطينية أمراً لا مفر منه، ولو وجد بين الإسرائيليين عقلاء وحكماء لأدركوا أن قيام الدولة الفلسطينية متزامناً مع التطبيع العربي مع إسرائيل، هو من يخلص المنطقة بكل دولها وبينها إسرائيل من هذه الحروب، وتالياً تحقيق الاستقرار والأمن والسلام، وصولاً إلى التعاون الأفضل بين دولها دون أن تُستثنى إسرائيل من ذلك.
* *
إسرائيل تحتاج إلى النظرة العقلانية، إلى التعامل مع المستجدات بروح الاهتمام بالأمن الذي لن يتحقق إلا من خلال السلام مقابل الأرض، وليس السلام مقابل السلام كما هي رؤية الإسرائيليين في زمن مضى وإلى أن صدمت إسرائيل على دوي طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، حيث الضحايا بين الإسرائيليين، وأخذ عدد من عناصر الجيش الإسرائيلي كأسرى لدى حماس والجهاد، ما كشف عن ضعف واضح للجيش الإسرائيلي، حتى بعد بدء الحرب البرية في غزة، وربما ساعدت هذه الحرب على تحرك تل أبيب نحو الواقعية، وبما يتسق مع الحالة التي تمر بها إسرائيل بعد أحداث السابع من أكتوبر من العام الماضي.
* *
أقول بعد كل هذا السرد عن متابعتي لما يحدث بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بأنه لا خيار ولا بديل عن دولة للفلسطينيين لتحقيق أمن إسرائيل ودول المنطقة، وأقول ثانياً حذارِ من التصعيد، وتوسيع رقعة الحرب، وجرّ دول أخرى إلى أتونها، وأقول ثالثاً حذارِ من تدخّل خارجي، ومن دول أجنبية تكون جزءاً في التصعيد الذي سيكون وبالاً على الجميع، ومن الصعب السيطرة عليه.