لكل وطن هوية يطل بها على العالم الخارجي كشخصية و(كاريزما) تميّزه عن غيره. والمملكة العربية السعودية بما حباها الله من نعم ومساحات شاسعة وتعدد الثقافات والعادات والتقاليد كل ذلك أدى إلى ثراء وتنوع في الموروث التراثي سواء المادي أو اللا مادي.
إن كلمة الموروث مشتقة من مصدر للفعل (ورث) يرث إرثاً وتراثناً وميراثناً، ويعني الميراث في اللغة انتقال الشيء من شخص إلى شخص أو من قوم إلى قوم، ويأخذ الموروث الشعبي معناه من التراث الثقافي الذي يُقصد به «مجموعة النماذج الثقافية التي يتلقاها الشخص من الجماعات المختلفة التي يعيش معها».
إذاً يقصد بالتراث: كل ما خلفه السلف سواء إرث مادي أو معنوي وتناقله جيل إلى جيل.
الشفهي: ما يتم مشافهة دون كتابة أي لفظي.
اللا مادي: الشيء غير المحسوس.
هوية: مشتقة من (هو) بمعنى جوهر الشيء وحقيقته.
وطن: لا يوجد تعريف محدد للوطن، ولكن اسمحوا لي أن أعرفه بأنه:
إنسان وبقعة من الأرض ينتج عنه الجغرافيا، التاريخ، الحضارة.
على ضوء ذلك يكون تعريف التراث الشفهي (اللا مادي) حسب تعريف منظمة اليونسكو:
يقصد بالتراث الثقافي اللامادي الممارسات والتمثلات والتعابير والمعارف والمهارات وكذا الآلات والأدوات والأشياء الاصطناعية والفضاءات الثقافية المرتبطة بها والتي تعترف بها الجماعات والمجموعات وإذا اقتضى الحال الأفراد باعتبارها جزءاً من تراثهم الثقافي. من ذلك العادات والتقاليد، الأمثال، الرقص، الحكايات، الألغاز.
واليوم وفي ظل الحراك الثقافي الذي نعيشه تظهر بعض التساؤلات والتحديات:
- كيف ننقل هذا التراث إلى الجيل الحالي؟
- ما هي أبرز التحديات التي قد تقف ضد نقل التراث الشفهي للجيل الحالي؟
إذا أردنا أن نحلل علاقة الإنسان بتراثه نجدها علاقة منذ ميلاده
كلمات = مفاهيم
سباحين جدتي = حكايات (النباقات سبع بنات).
الصراخة + فاطمة بلاوي = أساطير.
ومع ذلك يفتقد تراثنا الشفهي المنهجية المنظمة لنشره وإظهاره فما يوجد اليوم ما هي ألا بعض محاولات على استحياء ناهيك عن افتقاده لعنصر الجذب من الملقي الأمر الذي يجعل الجيل الحالي يسخر منه أو يشعر بالخجل من بعض كلماته.
كما أن البعض من جيل اليوم يرى ذلك من الرجعية مع اعترافهم بأنها(فنوناً) سائدة في زمنها لكن اليوم لا تواكب هذا العصر لأنها خرجت من حقبتها الزمنية.
هنا عودة للتساؤلات:
- هل فعلاً فقد التراث الشفهي معناه؟
- هل فقد قدرته على التعبير والتعايش مع الإنسان الحديث؟
- هل ممكن أن تحل (سبحونه فاطمة بلاوي) محل (ساندريلا)؟
وعند تسليط الضوء على أبرز التحديات التي قد تقف دون نقل وحفظ التراث الشفهي نجدها تتمثل فيما يلي:
- الخطر الطبيعي وهو الموت (موت كبار السن).
- طريقة تقديم التراث الشفهي في عصر التكنولوجيا وتقنياته.
- النظرة التطورية والتي وأدت الكثير من التراث الشفهي وخاصة ما يتعلق بالعادات والتقاليد.
وهذا ما يدعوني إلى اقتراح أبرز الحلول لحفظ التراث الشفهي والتي تتمثل في:
- التعليم الرسمي.
- التعليم الرافد (المتاحف، المؤسسات، الأسرة).
من أين نبدأ؟
لنتفق في البداية أن التراث ككل سند مادي للأمم وهوية وطنية للأصالة وأن لكل شعب موروثاته الخاصة التي نحتها في ذاكرة الزمن على صفحات أرض الوطن.
وإن فقدان التراث هو فقدان للذاكرة تماما كما يفقد الإنسان ذاكرته ويعيش في حال (ضياع وتشتت).
إذاً لنبدأ من:
- جمع وتوثيق التراث الشفهي.
- تحديد وتصنيف الأشكال والمظاهر التي يمكن اعتبارها تراثاً شفهياً.
- الاستعانة بكبار السن للتعرف على التراث.
- تسجيل نطق المفردات الصحيح من كبار السن.
- الابتكار مع المحافظة على الأصالة لتقديمها للجيل الحالي.
- استخدام كافة الطرق والسبل لكي تصل وتستمر ومن ثم تحفظ.
ومن الرؤى الداعمة تبنت الكاتبة مبادرة حفظ التراث الشفهي بأسلوب السرد القصصي لكل منطقة من مناطق المملكة العربية السعودية، والتي ستنشر كسلسة مقالات بهذه الزاوية بمشيئة الله.
** **
أ. ضياء بنت إبراهيم الميمان - ماجستير آثار ومتاحف - باحثة بالتراث الوطني