سهوب بغدادي
بعدما صدرت قرارات وزارة الصحة مؤخرًا، والتي تصب في نطاق الارتقاء بالمنظومة الصحية والعاملين فيها، حيث لاقت القرارات استحسانًا في مجملها وكان من أبرزها مراعاة المظهر الرسمي للعامل في القطاع بتجنب قصات الشعر غير المألوفة والمبالغة في التزين للنساء، وذلك مفهوم وأمر جيد، ومن خلال متابعة ردود أفعال العاملين في القطاع، تبين السابق ماعدا قرار منع ارتداء الملابس الصحية في الأماكن العامة في وقت الاستراحة وخارج الدوام كذلك في الإعلام، أما الأخيرة، فالجميع يتفق أن المحتوى الرقمي يشهد كثافة في ظهور أشخاص يروجون لمنتجات طبية بالزي الصحي مما يضفي مصداقية على مانراه بغض النظر عن صحة مايقال، أما عن النقطة التي تتعلق بوقت الاستراحة وخارج أوقات الدوام، فكان الأمر محيرًا باعتبار أن أوقات عمل الممارس الصحي غير منتظمة تحوي «شفتات» أيضًا مناوبات تصل إلى 48 ساعة ويمتد اليوم العادي في حياة الممارس الصحي لتسع ساعات على الأقل، فمن الصعب أن يحصر العامل طعامه في المشفى، فليس جميع المستشفيات تحتوي على مقاهي جيدة أو أفضل طعام، والبعض يعمل في مراكز صحية صغيرة في أحياء ولا يتواجد بها سوى مكينة لبيع الخفائف.
بالنسبة للمرأة العاملة في المجال فإنها تعاملت بطريقة سلسة مع الأمر، حيث اعتمدت ارتداء العباءة فوق الزي، أما الرجل، فلم يجد حلًا، خاصة وأن بعض المستشفيات ليس بها أماكن مخصصة للتبديل وخزانات أو غرف مخصصة بشكل عام لهذه الأغراض، ناهيك عن عامل الوقت والجهد المبذول فقط لتبديل الزي في حال رغب العامل في الخروج من المنشأة فبعض أوقات الاستراحة لا تتعدى الساعة ويمتد بعضها لساعتين أو أكثر دون مقدرة العامل للعودة إلى المنزل فيظل ساكنًا في سيارته إلى حين معاودته العمل، في حال كان المنع لغرض معيار مكافحة العدوى، فإن أغلب العاملين يرتدون لباساً خارجياً فوق الزي «قاون» أما إن كان القرار لغرض حصر الزي الصحي في أماكن تواجده الطبيعية، فللأسف، إن الزي الصحي لم يعد حكرًا على الممارسين الصحيين، كامرأة، أرى أعدادًا غير هينة من العاملات في مجال التجميل والصالونات وقد اتخذن ذات الزي رداءً معتادًا لهن، بالإضافة إلى الحلاقين وأخصائيي المساج والقائمة تطول، فإن كان المنع لتنظيم هذا اللباس فالأولى أن يمنع غير الممارسين للمهن الصحية من ارتدائه! ففي ذلك استهلاك للزي، حقًا، إن للزي الرسمي هالة خلابة من الوقار ولا يصح أن يستخدم لأغراض شخصية على غرار الزي العسكري، كتجاوز الطابور مثالًا، وأمر غير لطيف أن يكون القرار غير شاملًا لجميع الأزياء الأخرى للمهن المختلفة، كالرداء المكون من قطعة واحدة، أكبر ونكبر جميعًا دور وزارة الصحة خاصة بعد تميزها في فترة اندلاع الأزمة العالمية الصحية المتمثلة بتفشي فيروس كورونا، لذا نؤمن بما ينتج عنها ويأتي منها، إلا أن التعامل مع هذا البند تحديدًا يعد تحديًا يوميًا بالنسبة للرجل العامل في المجال الصحي، لذا شهدنا العديد من ردود الأفعال الساخرة خلال الأيام الماضية وعلق في ذاكرتي رد أحدهم عندما سمع عن الحل الذي أوجدته المرأة بارتدائها العباءة فقال «إذن، سأقوم بتعليق البشت في السيارة».