مها محمد الشريف
من المفارقات العجيبة، أن إسرائيل تقترح بناء جزيرة في البحر المتوسط لسكان غزة، في الوقت الذي يسعى فيه الاتحاد الأوروبي خلال مباحثاته لإنشاء دولة فلسطينية على أساس أنها السبيل الوحيد الموثوق لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، ولكن فوجئ المشاركون باقتراح إسرائيل ببناء جزيرة للفلسطينيين في عرض البحر الأبيض، ولذا لا ينبغي أخذها على محمل الجد وبالطبع يجب الحرص على استطلاعات للرأي ترفض المقترح ومقياسه الجوهري الضار على دولة فلسطين.
ويتعين على الولايات المتحدة أن تنظر في كيفية طرح السلام في العالم بتأثيراتها السياسية وقوتها الدولية فالموقف حيال إسرائيل ينطوي على إحباط يخيم على المنطقة والعالم لا يجوز أن يدفعنا هذا الإحباط إلى الصمت، فعندما دقت إسرائيل طبول الحرب تم تأييدها من أمريكا وحلفائها الغربيين، فمن سوغ لهذه الحرب وعمليات التهجير فقد ضلل بكفاءة عالية الحقائق وهذه طامة كبرى وتبعية مقيتة.
وهذه التبعية محفزٌ للاعتراض وإعلان الامتعاض خاصة بعد تأييد الولايات المتحدة الأمريكية حرب إسرائيل على غزة، وحين كانت هذه العمليات جارية على قدم وساق تغيرت مؤخراً وجهة نظر الاتحاد الأوروبي الذي أعرب عن قلقه إزاء الرفض الواضح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لفكرة إنشاء الدولة الفلسطينية سابقاً، وتجاهل هذه المقاربة وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس التي شرحها عدد من الوزراء في جلسة تحولت إلى مشهد سريالي.
فهل الموقف الأوروبي تخدير لأحاسيس البشر بأسلوب رائع وبطريقة ذكية وبنجاح فائق؟ أم هو لإخفاء المعنى الحقيقي لتهمة المشاركة في الإبادة الجماعية لئلا تصبح إسرائيل مجرم حرب؟، ولن يكون هذا السؤال تعبيراً عن الغضب فقط، إنما يدور حول النفاق الذي درج عليه الغرب، فوزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قال: «إن الحل السلمي الوحيد للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني يشمل إنشاء دولة فلسطينية، وأشار إلى أنه قد يكون من الضروري «فرض ذلك من الخارج» دون موافقة إسرائيل». وهذا الموقف مطلب ملح نرجو استمرار مصداقيته والأخذ به بين الحلفاء ليتم اعتماده وينفذ على أرض الواقع.
والخطاب الذي ألقاه بوريل بجامعة بلد الوليد في إسبانيا، قائلاً فيه «إنه بدون تدخل دولي، فإن «دوامة الكراهية ستستمر جيلاً بعد جيل»، وفقاً للعديد من وسائل الإعلام الإسبانية و»إن الأطراف الفاعلة معارضة للغاية بحيث لا تتمكن من التوصل إلى اتفاق بشكل مستقل. إذا كان الجميع يؤيد هذا الحل، فسيتعين على المجتمع الدولي أن يفرضه».
لقد أشار الوزير الأوروبي إلى الظلم الواقع من خوض هذه الحرب ضد الفلسطينيين بعد مقتل الآلاف ودمار هائل لغزة، وعلينا توضيح الأكاذيب التي طمست الهدف منها، ومن يحقق الربح منها، ومن الذي زود هذا الطرف بالأسلحة التي أودت بحياة عدد ضخم من أهل غزة، ومن يتحمل مسؤولية اندلاع هذه الحرب، ومن يتشارك في تحمل المسؤولية ومن تبنى الموقف المتردد عن اتخاذ موقف جاد حين تكلم السلاح صمتت القوة العظمى، فهل هو ظلم الأقوى؟