خالد بن حمد المالك
لا حديث، ولا تغطية إعلامية، ولا نشاط سياسياً إلا عن حرب غزة، بين من هو مع إسرائيل في عدوانها، ومن يدعم الفلسطينيين في مقاومتهم للمحتل، أما الطرف الصامت، فهو بين خيارين كل منهما بطعم المر على مصالحه فيما لو انحاز لطرف ضد الآخر.
* *
أهمية هذه الحرب، أنها تدور في منطقة مهمة لدى دول العالم، وأهميتها الأكثر أنها تتماشى مع رغبة أمريكا والغرب في حماية إسرائيل، واستمرار بقائها في قلب العالم العربي، بوصفها شرطيها في المنطقة.
* *
في كل الحروب بين محتل وصاحب حق، يكون انسحاب المحتل، وترك الأرض لأصحابها، والامتناع عن استمرار احتلاله، وهذا حدث في كل المستعمرات القديمة، حيث حمل المحتل عصاه على كاهله ورحل، إلا في احتلال فلسطين، حيث يصر الإسرائيليون على عدم التخلي للفلسطينيين عن أراضيهم.
* *
معنى هذا، وإذا ما استمرت إسرائيل كما يصر قادتها على عدم تمكين الفلسطينيين من إقامة دولة لهم، انطلاقاً من أن هذا بنظرهم ينهي مع الوقت بقاء إسرائيل، فإن الحروب لن تتوقف، وستظل إسرائيل في حالة تأهب لأي تهديد يمس أمنها واستقرارها، ولن تكون قادرة على حسم الموقف لصالحها.
* *
المنطق يقول: لا سلام بدون دولة فلسطينية، ولا استقرار لإسرائيل وهناك إصرار فلسطيني يتنامى ويكبر من أجل تحقيق آمالهم وحقوقهم المشروعة العادلة، رغم التضحيات الكبيرة منذ 75 عاماً مضت، وما زالت المقاومة في وهجها وقوتها.
* *
ولو كانت أمريكا وحلفاؤها صادقين في تحقيق خيار الدولتين، منذ اعتراف الرئيس المصري أنور السادات بإسرائيل، وبعد المبادرة العربية في قمة بيروت، واتفاق أوسلو، لما احتاج الأمر إلى كل هذه الحروب، والقتال، والخوف الذي يلازم إسرائيل ليل نهار.
* *
ولو كانت هناك عدالة، ومجلس أمن فاعل، وأمم متحدة منصفة، ومحاكم دولية تحاسب إسرائيل، وتطبيق القرارات الأممية الشرعية دون تمييز، ونأت الولايات المتحدة الأمريكية بنفسها عن استخدام (الفيتو) في كل ما يمس إسرائيل بالإدانة، لرأينا الحل أسهل بكثير من كلام يردد دون مصداقية عن خيار الدولتين.
* *
في حرب غزة هناك دروس وعبر، ونتائج كشفت عن المستور في المواقف الدولية، وعن ضعف الجيش الإسرائيلي في مواجهة المقاومة، وهو ما ينبغي أن يبنى عليها للتراجع عن دعم إسرائيل لإجبارها على القبول بالتسويات العادلة والمنصفة، حتى ولو كانت سماً زعاقاً بنظر المتطرفين الإسرائيليين.
* *
نعم الفلسطينيون في غزة يدفعون أثماناً باهظة، وخسائر كبيرة، وتضحيات في مقاومة يستحيل كسرها، ولم يكن أمامهم من خيار آخر، غير تقديم آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين لاسترداد حقوقهم المشروعة، وبناء دولتهم المستقلة مثل كل شعوب العالم.
* *
كما أن شعب إسرائيل الآن يمر هو الآخر في حالة حزن، واكتئاب، وأسى، لم يمر بها من قبل، نسبة للأسرى الإسرائيليين لدى حماس والجهاد، حيث فشل الوصول إليهم، ولم يستطع تحريرهم، أو التعرف على أماكن إقامتهم في حماية المقاومة الفلسطينية، فضلاً عن مئات القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي المعتدي، دون تحقيق أي من أهدافه المعلنة.
* *
لقد آن الآوان لإيقاف القتال، وتبادل الأسرى بين الجانبين، وتحقيق تطلعات الفلسطينيين بدولة لهم أسوة بكل شعوب العالم، فمن يقرع الجرس، ومتى؟!