خالد بن حمد المالك
لم تذعن إسرائيل لما صدر عن محكمة العدل الدولية، وظلت كما كانت من قبل تواصل حربها في غزة، دون ظهور ما يشير إلى أنها على استعداد للتهدئة استجابة لقرار محكمة العدل الدولية.
* *
وجاءت تصريحات رئيس وزراء إسرائيل وأعضاء من حكومته لتؤكد إصرارها على المساس بحياة المواطنين الفلسطينيين بنفس القوة وعدد القتلى والمصابين والتهديم كما كان ذلك قبل أن تنظر المحكمة في شكوى جنوب إفريقيا من أن إسرائيل تمارس حرب إبادة ضد الفلسطينيين في غزة.
* *
ومع ازدياد ضغط أهالي وأسر الأسرى لدى حماس والجهاد، وظهور مظاهرات تطالب نتنياهو وحكومته بتصحيح إخفاقاتهم في هذه الحرب لا توبيخ عائلات الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية، ردّ عليهم رئيس الوزراء بأنه لن يغير موقفه، وأن مثل هذه المظاهرات لا تخدم سوى حماس.
* *
وبدأت تتضح أهداف ما بعد توقف الحرب من أن إسرائيل تعمل وتخطط على إعادة استيطانها لغزة، وأن حكماً عسكرياً إسرائيلياً هو من سيدير القطاع، وأنه سيكون معنياً بالشأن المدني، غير مكترثة تل أبيب بمن يطالبون بخيار الدولتين، حيث إن ذلك خارج اهتمام وتفكير دولة الاحتلال.
* *
نتنياهو له أسبابه في إصراره على مواصلة الحرب، فهو مطلوب للعدالة في إسرائيل قبل هذه الحرب، وهو بعد هذه الحرب ستتم محاكمته على فشله وحكومته وجيشه واستخباراته يوم 7 أكتوبر في التصدي لعناصر المقاومة الفلسطينية، ومنعهم من أخذ المحتجزين الإسرائيليين أسرى لدى حماس والجهاد.
* *
الضغوطات على حكومة نتنياهو داخلياً وخارجياً تربكها، حيث لا حجة ولا مبرر لديها في عرقلة تبادل الأسرى، مشروطاً بإيقاف القتال، والسماح بدخول المؤن من غذاء وكساء ومحروقات ومواد صحية، وغيرها، والإصرار على أن يتم ذلك من خلال الحرب، وهو ما فشلت فيه إسرائيل حتى الآن بعد مرور ما يقرب من أربعة أشهر.
* *
ومن الواضح أن الجيش الإسرائيلي يتعرض لخسائر في عناصره بين قتيل وجريح بشكل يومي، وأن المقاومة تحقق انتصارات في تدمير معداته والاستيلاء على بعضها، وفي المقابل فإن الخسائر البشرية بين المدنيين الفلسطينيين كبيرة وغير مسبوقة في كل الحروب التي تمت من قبل بين الجانبين.
* *
إن قبول رئيس وأعضاء حكومة إسرائيل بإيقاف الحرب، والانسحاب من ميدان القتال، هو بمفهومهم هزيمة مُذلة لا يمكن القبول بها، ومن جانب آخر فهو بنظرهم يرفع سقف مطالب حماس وشروطها، رغم مطالبة المتظاهرين الإسرائيليين بإسقاط حكومة نتنياهو، لفشلها في إدارة الحرب، وإصرارها على تعريض الأسرى الإسرائيليين للموت.
* *
إذاً وبعد 120 يوماً من الحرب تقريباً فإن شيئاً لم يتغير حتى بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية، لكن الأيام القادمة سوف تكون حُبلى بالمستجدات لصالح حماس والجهاد، بالقبول الإسرائيلي بوقف القتال، وتبادل الأسرى، وهو ما يعني التراجع عن مسارات الضغط الإسرائيلي على حماس.