د.عبدالعزيز الجار الله
منافسات بطولات كرة القدم الآسيوية كأس آسيا قطر 2023 التي تقام من 12 يناير إلى 10 فبراير 2024 في الدوحة, وفي خضم منافسات دور الستة عشر للتأهل لمباريات دور الـ 8 (ربع النهائي) من كأس آسيا 2024، تحوّل (سوق واقف) في الدوحة لعرض احتفالي لرابطة وجمهور الدول وبخاصة الدول العربية التي بدأت في المواجهات المباشرة بين الدول العربية والتنافس على الإقصاء والإبعاد عن البطولة، وسط هذا التنافس المحموم بدأت ترتفع وتيرة الحماس والتشجيع بين الدول العربية كعادة المواجهات العربية، ولم تتوقف العروض الجماهيرية حتى لمن خرج من البطولة استمر في استعراضاته الشخصية.
الملفت للأنظار في بطولة آسيا قطر 2023 نظراً لمشاركة العديد من دول المشرق العربي جنوب غرب آسيا أن الاحتفالات في ممرات ودروب (سوق واقف) في الدوحة في ظاهرها حماس رياضي، لكن في باطنها شجن وحنين وشوق داخلي لأوطان الدول العربية وخاصة الدول التي تعرضت للحروب ولأزمات الربيع العربي : فلسطين، العراق، لبنان، سورية، الأردن. وحتى ما قبل الربيع من حروب، وهذا التحنان والحب العاصف والعاطفة المكتظة بالشجن التي لا تستطيع أي لغة أن تترجمها، وكذلك الحال لدول لم تحسب على الربيع العربي مثل دول الخليج العربي فقد وجدت نفسها في سياق وطني تهتف لأوطانها، وأيضاً الدول الآسيوية الأخرى خارج دائرة العرب، عاشوا أجواءً وطنية غامرة وجارفة، قد لا نرى مثلها في محافل أخرى.
الجميع ساهم بالبوح لوطنه قد تكون الرياضة من أسبابها لكنها ليست السبب الأقوى والوحيد، هناك شوق مؤرق داخل كل محتفل مندس في زواياه وفي أعماق دواخله لوطنه الجريح وغير الجريح، للأحياء السكنية للبيوت والدور وحيطان المنازل، وكثف حجم الحنين ذلك الطراز (لسوق واقف) الطيني وممراته الضيقة وعمرانه المتطامن، ورائحة أكلاته الشعبية، رائحة الشاهي المعطر بالذكريات، والقهوة والهيل العطري الذي يربطك بالأجداد رائحة وأنفاس الخلان والأصدقاء، هي رائحة الأوطان والأجساد والوجه الحاضرة وأسماء الغياب الذين نبكي مرة لهم ونبكي مرات عليهم.
كل من كان في دهاليز (سوق واقف) من عرب وأمة عربية وتاريخ السلالات البشرية التي مرت من بحار ويابسة العرب، والجذور في أعماق الحيطان الترابية وطراز أبناء عرب الشمال وعرب الجنوب، فكل ركن من هذا السوق يذكرك بتاريخ عرب قوافل الصحراء ومراكب صيد البحارة وأهل القرى الزراعية والهجر المنزوية في رمال العرب، ويذكرك أيضاً بجزيرة العرب من: بحر العرب جنوباً إلى البحر الأسود شمالاً. ومن الضفاف الشرقية لنهري دجلة والفرات شرقاً، إلى شواطئ البحر الأبيض غرباً، أرض العرب العامرة التي ستعود عامرة بإذن الله مع جيل من القيادات الجديدة التي حرصت على أدق تفاصيل أطالس وخرائط الوطن العربي.