عطية محمد عطية عقيلان
توفي هذا العام وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، والذي يعتبر من أهم المحللين السياسيين في العالم، ورغم كبر سنه إلا أنه لم يتوقف عن التأليف حتى وعمره 98، بل إنه استمر في التحليل حتى وفاته عن عمر 100 عام، وقد كانت حياته مليئة بالأحداث سواء الحروب العالمية أو النزاعات الدولية أو الأزمات الأيدولوجية التي شهد فيها النفوذ السوفيتي والمد الشيوعي، ورغم أنه ترك السلطة عام 1977م، لكنه بقي في أضوائها كمحلل سياسي ومستشار للرؤساء الأمريكيين سواء من الحزب الجمهوري أو الديموقراطي. وبعيدًا عن الحكم على آرائه التي كان يحكمها الهوى والميل الصريح إلى إسرائيل في جميع قضاياها وصراعها مع العرب، ورغم ذلك كان يحلل بواقعية وله آراء ونظريات ومؤلفات وتحليلات عميقة، وكان يجوب الشرق والغرب ويلقي المحاضرات ويظهر على القنوات كمحلل سياسي، وكان شديد الذكاء ولديه قدرة على وصف الأحداث سواء الماضية أو الحاضرة، وقال إنه يفكر في المشاكل طوال حياته وأنها هوايته ومهنته، ورغم تقدمه بالعمر إلا أنه أبدى رأيه وتحذيره من الآثار المترتبة على الذكاء الاصطناعي، وهذا الحديث عن كيسنجر كشخصية جدلية قد تكرهها أو تعجب بها، هي مدخلنا للحديث عن التجارب العربية لشخصيات إعلامية أو فكرية أو كانت سياسية للقيام بدور مشابه، فما نراه أن طريقة الطرح والتحليل لا تحمل أي عمق أو فائدة للمتلقي، بل تركز على طرح جوانب لا يجوز البوح بها عن من يتحدثون عنه، متناسين -كما يقال- إن «المجالس أمانات» فكيف إذا كانت طبيعة عملك تفرض عليك الحفاظ على سرية ما تراه وما تسمعه، ورغم التناقض في أقوالهم، إلا أن البحث عن الشهرة والترند والفائدة المالية جذبتهم للظهور رغم اختفاء بعضهم لسنوات، وهذا يجعلنا أن نتنبه لعدم الانسياق وراء ما يقولون ونتداوله وكأنه حقيقة مطلقة، ولنحكم عقولنا والتي ستكشف مدى ضعف أقوالهم وقصصهم وحكاياتهم.
خاتمة: يقول هنري كيسنجر «إن التاريخ هو ذاكرة الأمم، أو المعمل الكبير لتجارب البشرية، ويحفل بمعادلات النجاح، لمن يحسن صياغتها».