أ.د.عبدالرزاق الصاعدي
اثنان وعشرون بحرًا هي أقصى ما تجود به الدوائر الخليلية الخمس، ستة عشر بحرًا مستعملا، وستة أبحر مهملة، وأحسب أنكم تعرفون البحور المستعملة، التي نظم عليها الشعراء، فأكتفي هنا بذكر البحور المهملة الستة:
المهمل من الدائرة الأولى:
1_ بحر المستطيل:
مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن
مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن
2_ بحر الممتدّ:
فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
المهمل من الدائرة الثانية:
3_ بحر المتوافر:
فاعلاتُكَ فاعلاتُكَ فاعلاتُكَ
فاعلاتُكَ فاعلاتُكَ فاعلاتُكَ
الدئرة الثالثة لا مهمل فيها
المهمل من الدائرة الرابعة:
4_ بحر المتّئد:
فاعلاتن فاعلاتن مستفع لن
فاعلاتن فاعلاتن مستفعِ لن
5_ بحر المنسرد:
مفاعيلن مفاعيلن فاعِ لاتن
مفاعيلن مفاعيلن فاعِ لاتن
6_ بحر المطّرد:
فاعِ لاتن مفاعيلن مفاعيلن
فاعِ لاتن مفاعيلن مفاعيلن
الدائرة الخامسة لا مهمل فيها.
ويمكن القول إن الدوائر العروضية هي أعجب ما في علم العروض، فهي نظام صوتي/هندسي بديع منضبط إلى أقصى درجات الانضباط الرياضي، مكّنت الخليل من حصر البحور وضبطها وتمييز المستعمل من المهمل، ولم يكن له ولا لغيره أن يعرف البحور المهملة إلا بنظام الدوائر العروضية.
وفي الختام أقول: إنّ الخليل لم يصنع العروض وإنما اكتشف نظامه واستنبطه من أشعار العرب ووضع مصطلحاته وحدوده، كما استنبط النحويون النظام النحوي من كلام العرب.
فإن قيل: فمن صنعه إذن؟ أقول: تواطأ على صنعه عباقرة الشعراء، وأغلب الظنّ أنه نشأ بالتدرّج والتذوّق، وكانت الأجيال من الشعراء منذ آلاف السنين الموغلة في العصر الجاهلي تزيد فيه وتطوّر وتهذّب وتنفي خبثه حتى استوى على سوقه قُبيل العصر الإسلامي، ولا تصدقوا من يزعم أن أول من قال الشعر مهلهل أو ابن حذام أو عمر بن قميئة، فهذا أمر لا يقبله عقل، فالشعر أقدم من هؤلاء بآلاف السنين، لأن هذه الصنعة المحكمة تحتاج إلى تجريب وتهذيب تشترك فيه أجيال متعاقبة لا يعرف أولها من آخرها حتى تبلغ الصنعة الغاية.
ثم أقول: إن عروض العربية المذهل في ضبطه وجماله هو أحد الأسباب التي تجعلني مؤمنًا بمبدأ التفاضل بين اللغات.