د.أمل بنت محمد التميمي
في يوم الأربعاء 17 يناير 2024م تشرفت بالمشاركة في حفل تكريم الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الحيدري بالجمعية المصرية للدراسات السردية بكلية الآداب بجامعة قناة السويس بالإسماعيلية بالشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
وقد طلب مني الدكتور محمد الربيّع أن أساهم مع أساتذة فضلاء في هذا التكريم، فرحت بطلب أستاذنا الدكتور الربيّع، وقلت في نفسي ماذا أعد وأكتب عن شخصية مثل عبد الله الحيدري؟!، وهو أحد الدارسين العرب في السيرة الذاتية تأليفا ونقدا وله مؤلفات وأبحاث وطلاب في مجال السيرة؛ حيث أصدر عشرين كتابًا مطبوعًا ومن البحوث العلمية المحكّمة وغير المحكّمة ربما تصل العدد نفسه أيضا ويزيد، ويميزه أيضا عمله في الإذاعة وتدريبه للمذيعين، وفكرت في أن أكتب بطريقة مختلفة عن مؤلفاته وإنجازاته البحثية والوطنية بالتواصل مع بعض الباحثين عنه، أو مع أقاربه، وآثرت أن أتحدث عن الجانب الذي لا يعرفه الناس عن الحيدري، جانب حبه للفلاحة، والجانب الإنساني الذي يطغى عليه في تعامله مع الناس وعائلته.
وأثناء تفكيري في طريقة الكتابة عن سيرة الحيدري اكتشفت أن الحيدري كتب سيرته وهي ما تزال (مسودات) لم تنشر، وغالبًا ما يكون الباحث المتخصص في السيرة أكثر الناس ترددا في الكتابة عن ذاته ليس عجزا وإنما على قول الشاعر:
إذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومِ
فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ
خاض الحيدري تجربة الكتابة عن ذاته ولم تكتمل للنشر، وما زالت الأوراق حبيسة عنده وسأرفق جزءًا منها (المسودات)، وكنت أتمنى أن يكتمل التأليف وينشر الكتاب، وكذلك عنده كتاب غير مطبوع اسمه (من أوراق مذيع) فيه رصد دقيق للبرامج الإذاعية التي قدمها.
واعتمدت على كتابة سيرة الحيدري على المسودات، وأشرت إلى إسهاماته العلمية كما فصّل فيها الدكتور منصور المهوس، والكلام المنقول من رفاقه وطلابه وأقاربه، ففي مواقف التكريم قد يحسن الناس التأليف عن الشخص أكثر من نفسه، وربما يسهم الأوفياء في الدرب الكتابة عن الشخص أكثر منه في تصوير سماته أو ما يعرفونه عنه، وقد يكتبون ما لا يعلمه عن نفسه أولا يلتفت إليه وقد حملوا على عواتقهم مسؤولية التعريف بعبد الله الحيدري بالصفات التي يرونها فيه. وفي هذا السياق يتمتع الحيدري بحضور إعلامي وعلمي بارزين.
في (المسودات) التي كتبها الحيدري عن نفسه أطلق على نفسه (الفتى)، على منوال من كتب في السيرة الذاتية بضمير الغائب، ولكن السؤال: هل ظل الفتى فتى أو أصبح رجلا يقوم بأعمال الرجال لوطنه؟ وقسمت مراحل حياة الحيدري إلى عدة مراحل، وهي:
1. مرحلة الفتى. مرحلة الطفولة في قريته البير.
2. مرحلة الإذاعة.
3. مرحلة النادي الأدبي بالرياض (الأكثر عطاء للوطن).
4. مرحلة الجامعة: في التأليف والإشراف والمناقشات (الأكثر عطاء للعلم).
5. قالوا عنه بعض رفقاء الدرب.
وفصلت في أهم العوامل التي أثرت في شخصية الحيدري منها:
1- النشأة بين الأسرة النووية والممتدة.
ولد في بلدة البير شمال الرياض عام 1384هـ (1964م). عبد الله الحيدري الابن الذكر الأول لوالديه، والثاني بعد أخته البكر نورة، وحظي الحيدري أن تلقب أمه بـ (أم عبدالله)، جميع إخوانه أشقاء من أمه لطيفة ووالده عبد الرحمن، ومن أبرز سماتها التدين، وكانت حريصة على صلة الرحم وظلت تتردد على والديها حريصة كل الحرص على لم شمل الأهل، أمه لطيفة لم تتعلم تعليما نظاميا ولكنها كانت محبة لتعلم القرآن وشخصية متدينة، اكتسب منها حب القرآن وبرها بوالديها (جدته سارة وجده لأمه إبراهيم)، فعاشا الجدان وقتا طويلا ليرى الحيدري بر والدته بوالديها لتكون مثله الأعلى في البر والإحسان إلى الوالدين.
وهناك عوامل أخرى جعلت عبد الله الحيدري له مكانة خاصة في أسرة الحيدري لكونه تزوج ابنة عمه إبراهيم (حصة)، ورزق منها بابنتيه: أمل ولمى، وكذلك دوره في تأسيس مجلة (آل حيدر) المجلة السنوية الخاصة بأسرة آل حيدر من بني خالد التي لها دور بارز في تواصل العائلة بعضها ببعض وتوثيق إنجازاتهم.
2- البدايات الأولى في الفلاحة وزراعة أسطر النخيل وتأثير العم إبراهيم وزوجته هيا.
صلته بعمه قوية درس في بيته الفترة الأولى من حياته، وتأثير العم فيه واضح في المدة التي قضاها في البير في بيت عمه إبراهيم، وهي بمنزلة الابتعاث الداخلي للدراسة، قضى ما يقارب ثلاث سنوات وبضعة أشهر في دراسته الابتدائية، وأسهمت في تشكّل شخصيته وقصة عشقه للنخيل، تلك الفترة ربطته بالقرية والذكريات العميقة المرتبطة بالبيت النجدي الطيني والنخيل والفلاحة والقصص والحكايات.
في ذاك الوقت كان يرافق عمه وأبناءه إلى صلاة الفجر، وارتبط بالفلاحة وتعلم من عمه غرس النخيل في شكل أسطر، وجني (خراف) النخل في الصيف ووظيفته مع أولاد عمه تجميع التمر (الصرام)، وتأثر بشخصية عمه في الفلاحة ورعي الغنم. فكان الحيدري في القرية يبدأ يومه بالصلاة ومع شروق الشمس بالعمل، ثم سماع سواليف الرجال من الأقارب، تعود على استقبال الضيوف يوميا، وكذلك تقاليد الضيافة من صب القهوة والترحيب بالضيوف، وهي ما تسمّى (المرجلة)، وجني التمر في تسابق مع أبناء عمه بين غابات النخل الكثيفة ليكرم به الضيوف.
عكست حياة القرية على شخصية الحيدري الكرم والنشاط والسمر والحكايات، فكما كان يقضي نهاره بالعمل بالزراعة والفلاحة، كان يقضي ليله بالسمر والحكايات، فلم يكن يخلُ من وجود الزائرين من الأقارب، ومن هؤلاء الزوار خالة الوالد (سلطانة) فإذا قدمت سلطانة إلى البير من الرياض يستمتع الحيدري مع الأولاد في سماع القصص والحكايات من الخالة سلطانة، وشدته تلك الحكايات الشفهية إلى الخيال والتفكير والتأمل وإلى القراءة، وبعدما كبر وجد حكايات خالته سلطانة في كتب عبدالكريم الجهيمان من الأساطير والعجائب الجميلة، وكل تلك الحكايات في سطح البيت الطيني النجدي تعكس الاهتمام بالأطفال بالسمر والحكايات الممتعة.
3- تأثير فخر الأب والتعزيز
ومن بين الذكريات التي عززت عبد الله الحيدري ثناء والده عليه في المجالس بحسن خطه، فكان هذا الثناء والفخر حافزا له لتعلم الخط والزخرفة الإسلامية والتحاقه بمعهد تحسين الخطوط العربية لمدة تقارب ثلاث سنوات.
4- مشاركة والده التجارة
بعدما عاد عبد الله الحيدري إلى الرياض لم ينقطع عن القرية، ولكن اكتشف في نفسه هوايات أخرى غير الفلاحة وهي التجارة، فعمل في محل تجاري (مواد صحية) لوالده مع شريكه حمد بن عباد، وكان صاحبه علي بن حمد العباد رفيقه في التجارة والمصاحبة في تلك الفترة مرحلة المتوسط تقريبا وعاشا تجارب جميلة من فتح المحل والاهتمام به والغداء معا، واكتشف في نفسه حينها أنه يمكن أن يكون تاجرًا، وأصبح يحرص على قراءة مجلة (تجارة الرياض)، واكتسب من تلك التجربة تحمل المسؤولية ولكنه لم يستمر، وانصرف إلى طلب العلم والتدرج في الوظائف الحكومية.
5- صوته الساحر بمكبر الصوت
بدأ الحيدري يمسك مكبر الصوت مع تشجيع خالد البنيان للالتحاق بالإذاعة؛ لأنه كان يقرأ في بعض المقررات بطلب من الأساتذة ويسمع صوته ولغته فشجعه وقال له: (صوتك ولغتك جيدة)، ومن هنا اكتشف الحيدري المذيع الذي يحسن التعامل مع مكبر الصوت بمهارة عالية وبفن. ومرحلة الإذاعة مرحلة مهمة في حياة الحيدري ومرحلة مهمة في الإذاعة السعودية، فعمل رئيساً لقسم المذيعين في إذاعة الرياض من عام 1420هـ إلى نهاية عام 1421هـ، وعمل رئيساً لقسم الإعداد في إذاعة الرياض من عام 1423هـ إلى عام 1426هـ، ودرب عددًا من المذيعين منهم: علي الظفيري، وبتال القوس، وخالد البيشي، وسلطان الحارثي، وغيرهم.
خامسا: الصداقة ورفاق الدرب
يتميز عبد الله الحيدري بالصداقة الطويلة حيث يتمتع الحيدري بوفاء نادر في علاقاته. نريد أن نروي عن بعض مجايليه ورأيهم في مصاحبة الدكتور الحيدري وهذه الروايات لا نجدها في الكتب والأبحاث؛ لذلك تكتسب أهميتها من خلال جمع الروايات من خلال السؤال الكلامي ورسائل (الواتس آب).
يقول عنه الدكتور صالح بن معيض الغامدي: «أول معرفتي بالدكتور عبدالله الحيدري كانت عندما كان يكتب أطروحته لدرجة الماجستير عن السيرة الذاتية السعودية، عرفته إذ ذاك باحثًا جادًا يقتحم دراسة جنس أدبي سعودي لأول مرة، وهو جنس السيرة الذاتية وبحكم التخصص كنا على تواصل علمي مستمر، وقد أنجز أطروحة علمية مميزة وتجاوز كثيرًا من الصعاب التي واجهها في ارتياد طريق بحثي لم يكن ممهدا من قبل، واستمر تواصلنا من خلال عمله مشرفًا على الصفحات الثقافية في جريدة المسائية، ثم بعد ذلك في مجلس إدارة النادي الأدبي بالرياض عندما انتخب رئيسًا لمجلس الإدارة وكنت أنا عضوا في المجلس. وقد أولى الأدب السعودي اهتمامًا بالغًا في دراساته العلمية حتى حصل على الأستاذية وفي المناشط والملتقيات والمحاضرات التي كان يقيمها النادي. وله بالإضافة إلى دراسته الرائدة عن السيرة الذاتية ببليوغرافية مهمة عن السيرة الذاتية السعودية ودراساتها ما زال يتعهدها بالتحديث المستمر والمتابعة الدؤوبة. والدكتور الحيدري يتميز بالإضافة إلى مكانته العلمية وأخلاقه الرفيعة وتواضعه الجم بحب مساعدة الآخرين وبخاصة الباحثين والباحثات في مجال السيرة الذاتية، كما أنه كريم في عطائه وبيته، ولا زلت أذكر تلك الدعوة الكريمة الجميلة التي وجهها لنا لزيارة منزله في (البير) والكرم والحفاوة التي قوبلنا بها. والحقيقة أن الدكتور الحيدري كنز من كنوز الأدب السعودي ونقده كلنا نفيد من علمه وآرائه ودراساته باستمرار».
وتقول عنه الدكتورة عائشة الحكمي: «بيني وبين الدكتور عبد الله الحيدري مواقف أنظر لها بكثير من الاعتزاز والتقدير...عبد الله الحيدري الشخصية الإعلامية المؤثرة. كنت من متابعي إذاعة الرياض، وكان أحد المتميزين صوتا وأداء، يجذبني صوته فأقترب من الإنصات أكثر، ثم يأخذني إلى عوالم مفردات منتقاة بعفوية وعناية، في تقنيات الحوار، فهو أحد المذيعين الذين تعلقت أذناي ببرامجهم، وأحببت الإذاعة كأنني أتابع صوتا وصورة …».
ويقول عنه الدكتور جزاع الشمري: «أستاذنا وقدوتنا.. الأديب الخلوق البشوش .. أستاذ رائع بكل ما تعنيه الكلمة له مواقف جليلة وعظيمة على المستوى الشخصي، مشرفاً وأستاذاً وزميلا. متعاون بكل ما تعنيه كلمة التعاون من معنى، بين الباحث وأستاذه، حريص كل الحرص على إتقان العمل وتجويده، والسؤال عن الحال قبل كل حال، مواقفه الجليلة لا تعد ولا تحصى... أتذكر له مواقف جليلة جداً منها أنه في إحدى المرات في قدومه لزيارة منطقة حائل والمشاركة في اجتماع رؤساء الأندية الأدبية، تعرض لحادث سير والحمد لله خرج منه سليماً، كلفني ببيع سيارته والتصدق بكل قيمتها للمحتاجين».
يثني عليه كثير من الباحثين بكرمه العلمي، فتقول عنه الدكتورة سميرة الزهراني: «فعلا والله وأنا كذلك لا أنسى موقفه معي حين أمدني بأغلب كتبه في السيرة عندما كنت أكتب رسالتي بل وظل يشرح لي أمورا كنت أجهلها واستشرته في كثير من الأفكار فصححها..
د.عبد الله الحيدري علم معطاء لا نجازيه إلا بالدعاء»، وكذلك يقول عنه الدكتور منصور المهوس: «الأمر نفسه معي في مرحلة الماجستير، ولايزال يعطي بسخاء ونبل لا ينضب، وقدمت دراسة عن جهود الدكتور عبد الله في مجال السيرة الذاتية ضمن ملتقى النقد الأدبي بنادي الرياض الأدبي، الدورة السابعة، وقد نشرت ضمن كتاب الملتقى»، وتقول عنه الدكتورة خلود الأسمري: «عندما سألته عن السيرة قبل تسجيل الموضوع أمدني بكل كرم بجميع مؤلفاته ورحب بأي استفسار، له مني صادق الدعوات».
ويقول الدكتور أحمد هروبي النعمان «قامة علمية سامقة قدمت الكثير ومازالت. حديثي عن الدكتورعبد الله الحيدري حديث متباين، ومعرفتي به مرت بمراحل مختلفة. عرفته في البدء من كتبه، فوجدته باحثا رصينا، ومتتبعا دقيقا، وناقدا حصيفا، ثم عرفته عبر الهاتف، فكان بعد الله المعين والحريص على مد يد العون والمساعدة بالكتب والتوجيه والنصح، ثم عرفته في مناقشته لي في رسالة الدكتوراة فكان نعم المناقش بنقداته البارعة وومضاته المحلقة، وموضوعيته الكبيرة. بعد ذلك عرفته عن قرب في ملتقى السيرة الذاتية في نادي القصيم الأدبي، فوجدته إنسانا بشوشا، ورمزا للتواضع، وشخصا يأسرك بتعامله الراقي، وحواره العلمي العميق، ومعرفته الممتدة! الدكتور عبد الله الحيدري رائد نقد السيرة الذاتية الحياتية في المملكة العربية السعودية، وهو من المخلصين للأدب عامة، ولجنس السيرة الذاتية خاصة، وله فضل كبير على الكثير من الباحثين والباحثات وطلاب العلم. نسأل الله له دوام التوفيق والسداد وأن يجزيه عنا خير الجزاء».
ومما ذكره عنه الشاعر الدكتور فواز اللعبون «عرفت الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الحيدري إنساناً وصديقاً.. لقد جمع الله فيه خصالاً كريمات قلما اجتمعت في غيره؛ فهو باحث جاد، وأكاديمي وقور، ووطني مخلص، وأديب أريب، وصاحب قلم رشيق، وفيه نقاء سيرة ومسيرة وسريرة، ولا أعرفه يعادي أحداً، ولا أعرف أحداً يعاديه.. متصالح مع الجميع، ويحب الخير للناس كلهم، ويبذل ما في وسعه وزيادة لطلابه وزملائه وأصدقائه، وشهادتي فيه مجروحة، فأنا أحبه، وهو يحبني، وتجمعني به دروب طويلات، وله عليّ أيادٍ جليلات».
ويقول عنه شقيقه عبد العزيز الحيدري: «..................»كما يذكر «تُكمل مجلة آل حيدر هذه السنة 2023م سنويتها السابعة والعشرين، أي ما يزيد على ربع قرن من الجهد والتنسيق والتنظيم، يُتوَج ذلك كله اهتمام بأدق التفاصيل من قبل عرّاب المجلة ومؤسسها شقيقي الغالي د.عبد الله بن عبد الرحمن الحيدري.. وما زال ولم تزل رغبته حثيثة لأن تعكس المجلة صورة من صور الآصرة المتينة بين أبناء الأسرة، ورابطة تؤلف بينهم».
يقول عنه شقيقه الدكتور منصور الحيدري وسأوردها كاملة لأنها تنفع للدراسة والتحليل، حيث يقول: «مذ وعت عيناي على الدنيا وأنا محاط بكتب أخي عبد الله في زوايا المنزل، ولا زلت أتذكر مكتبته في ركن منزل الوالد- رحمه الله- ...ولا أكتم سرًا إن قلت إن جزءاً كبيرًا من الحصيلة اللغوية والأدبية لدي كان منشؤها أخي عبد الله بعد فضل الله تعالى، ولمّا طلب مني أن أكتب بعضًا من السمات والصفات التي قد لا تعلم عن أخي عبد الله، حاولت أن أعتصر ذاكرتي لأعود بها أكثر من أربعين سنة لأستحضر بعض المواقف فكان فيما أتذكره من سمات وصفات ما يلي:
1- كان أخي عبد الله حريصًا على بث روح التعليم فيّ وفي إخوتي، وكان حريصًا على متابعتنا دراسيًا، وكان يشجع عند التفوق ويحث عند الإخفاق، وكان حريصًا بشكل أخص على المواد اللغوية كالنحو أو الإنشاء أو التعبير، وكان أحد من شجعوني بشكل مستمر على الحصول على معدلات دراسية متميزة وإكمال الدراسات العليا، وكان يشجعني كلما رأى مني فتورًا أو انصرافًا، ثم بعد أن التحقتُ بالسلك الأكاديمي أصبح يحفزني دائمًا على كتابة الأبحاث والترقية العلمية حتى وصلت بحمد الله لرتبة الأستاذية.
ولعلي أختم بكلام ابنته أمل التي جمعت فحوى هذا الكلام بسؤال بعض الأقارب حيث تقول:
«1.من صفاته وأخلاقه الحسنة:
- الحفاظ على الصلاة في وقتها وجعلها أولوية دائمة قبل كل شيء، والكرم من غير إسراف ولا تبذير، وصلة الرحم وبر الوالدين وتفقد أحوال إخوته وذوي قرابته، والحرص على حضور المناسبات العائلية وحثنا عليها، وحرصه على تلمس حاجة الضعفاء ....»
وختامها مسك بكلام الابنة عن والدها، عرفنا الحيدري باحثا وعرفناه إنسانا، وتعرفنا عليه في أسرته وبين أهله وذويه، وتعرفنا على نظرة الآخرين له، فلعلنا خرجنا بتصور شامل عن الإنسان المتواضع الذي حمل بساطة القرية النجدية وكرمها وأخلاقها، وعكس التربية في الأسرة النووية والممتدة، والباحث السعودي المهتم بمشروع بحثي وقدم من خلاله الكثير والكثير.
** **
- أستاذة الأدب والنقد بجامعة الملك سعود