سلمان بن محمد العُمري
سعدت جداً بقرار وزارة العدل الموقرة حول التركات في المحاكم، ومصدر السعادة أن هذا القرار سيعجل في إيجاد حلول لمشكلات التركات المتعثرة منذ عشرات السنين، والأمر الآخر سرعة استجابة الوزارة لما طالبت به قبل عدة أسابيع في هذه الزاوية عبر مقالتين (الورثة بين الشرط والمحاكم) و(تأخر قسمة الميراث زلزال يهدم كيان الأسر)، والتي لاقت أصداء كبيرة ولله الحمد في المجتمع، وتم تداولها كثيراً عبر منصات التواصل الاجتماعي لما لها من أهمية ومساس في حياة الأفراد والمجتمع وعلاقة الأقارب بعضها ببعض وآثارها الاجتماعية قبل المالية.
وفي الوقت الذي أشيد فيه بقرار معالي الوزير الدكتور وليد الصمعاني وأشيد فيه بتلمسه لاحتياجات الناس وتسهيل الإجراءات واختصار الوقت والجهد في معظم النقلات النوعية لخدمات القضاء والأحكام العدلية وتطويع الأنظمة واستخدام التقنية، أحببت تذكيره أن الكتاب مرآة لكل القطاعات، يقدمون رؤاهم وأفكارهم وخبراتهم بالمجان، ولا ينتظرون جزاءً ولا شكورا.
لقد لمس معالي الوزير المشكلة وذكر في تصريح له بأن لدينا الآن أكثر من 12 ألف قضية نزاع حول التركات في المحاكم و62 ألف وثيقة حصر ورثة، وذكر بأنا نستهدف إطلاق منتج خاص بالتركات بدءاً من استحقاق الورثة إلى استلام نصيبهم خلال الربع الأول من 2024، وبالتأكيد أن هذا الرقم لا يصل إلى نصف المشكلة الواقعية لأن كثير من الناس لا يلجأون للمحاكم لأخذ حقوقهم رغم هضمها والاستيلاء عليها أو المماطلة والإهمال من قبل الورثة، فبعد أن مات الأب ولم يقتسم الأبناء ذكوراً وإناثاً الميراث، وماتوا وبقي أبنائهم لا يعرفون جيداً ما لهم وما عليهم وإلى هذه اللحظة لم يتحصلوا على حقوقهم، ولا يعرف ما لهم وما عليهم ووصل عدد منهم مشارف السبعين وضاعت أملاكهم ولم يخرجوا حتى صكوك عليها.
ولقد قلت من قبل وأؤكد عليه الآن: الحل يبدأ من المورث قبل وفاته بكتابة الوصية وضبطها وبيان ما له وما عليه وما يريد وقفه، ومن يوصي له بالإشراف على تنفيذ وصيته، لئلا تكون المحاكم ومكاتب المحاماة طريقاً للحلول، ومنعاً للخلافات بين الورثة، بل وعند اللجوء للمحامين وغيرهم ممن يصفون التركات، يصبح هؤلاء شركاء لهم لأنهم يأخذون نسباً عالية في القسمة والبيوع.
وقد قدمت مقترحاً لحل الموضوع وطالبت بالحل النظامي في أن يصدر تنظيماً يُخول المحاكم الشرعية بالتدخل في إنهاء توزيع تركة المتوفى بعد مرور ستة أشهر من وفاة المورث، إذا لم يتم توزيع الإرث وحصره ولم يبت الأمر في التركة ما بين الورثة، لأن مسألة إطالة أمد التوزيع لسنوات أو عقود طويلة فيه مظلمة بكل ما تعنيه المظالم على الورثة.
وبينت التجربة الإيجابية في إحدى الدول المجاورة، فقد تم صدور قرار من مجلس الوزراء هناك ينص على أنه إذا لم يتفق الورثة على القسمة خلال مدة شهر من وفاة الوارث فتستلم لجنة مختصة لها كافة الصلاحيات زمام الأمور لتقسيم الورث، وأتمنى أن تبادر الجهات الحكومية المعنية وفي مقدمتها وزارة العدل بدراسة الموضوع وبحث المشكلة واقتراح الحلول المناسبة لها.
والحمد لله فأولى خطوات المعالجة ما صدر عن وزارة العدل من تنظيم لهذا الأمر فلمقام الوزارة ووزيرها وللعاملين فيها الشكر والتقدير على سرعة التجاوب، ونأمل في سرعة الإنجاز.