جانبي فروقة
في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة في نوفمبر 2024م سيشكل شباب الجيل (Gen Z) Z (وهم الجيل من الفئة العمرية بين 1990م و2010م) حوالي 40 مليون ناخب محتمل وذلك حسب معهد بروكينغز Brookings، وذلك يتضمن 8 ملايين ناخب منهم سيبلغون سن التصويت حديثاً في 2024م، ويطلق على جيل Z اسم المواطنين الرقميين لمعرفتهم الفطرية بالتكنولوجيا والنت. ويتوقع مركز التقدم الأمريكي أنه بحلول عام 2024، سيضم جيل Z وجيل الألفية ناخبين مؤهلين أكثر من كل من جيل X وجيل الطفرة السكانية، مما سيخلق فرصة سانحة للمرشحين للاستفادة من التركيبة السكانية المتغيرة في أمريكا.
ولفهم سلوك جيل Z في الساحة السياسية لا بد من إلقاء الضوء على بعض سلوكياتهم الرئيسية في السوق الاستهلاكية حيث يعدون القوة الاقتصادية الواعدة والمحركة للسوق خلال العقود القادمة ومن أهم ما يميز هذا الجيل أنه يعيش اليوم في عالم من وسائل الاتصال المجزأة والمتعددة بين تيك توك وانستغرام وسناب شات واكس وغيرها وكما يتميز هذا الجيل بعدم تمتعه بولاء قوي للعلامات التجارية وصعوبة كسب ثقته فهو لم يعد يحصل على المعلومات من قناة قياسية رسمية واحدة، والعلامات التجارية لم تعد تمسك مفاتيح سرد الحقيقة بكاملها، ولا يملك هذا الجيل ثقة بالمؤسسات الكبيرة مقارنة بالجيل السابق له وهنا يجب على الحملات السياسية والحملات للعلامات التجارية اعتبار هذا التشكيك بمثابة جرس إنذار وتحذير أثناء محاولتهم لإثارة الاهتمام وجذب جيل Z.
والمثير للانتباه لدى هذا الجيل أنه ليس بالضرورة أن يمتلك الشخص الذي لديه أكبر عدد من المتابعين أكبر قدر من التأثير بل يحظى المؤثرون غير المشاهير بثقة أكبر من المشاهير أنفسهم وحتى معدل المشاركة ينخفض كلما ازداد إجمالي عدد متابعي المؤثر, واليوم برز بين الجيل Z في سوق الاستهلاك مصطلح جديد يدعى «المستهلكون صفر» وهو فئة متميزة ومتنامية من المتسوقين في عالم التجزئة يتحدى قواعد التسوق التقليدية وتتميز هذه الفئة بأنهم متسوقون متعددو القنوات يجولون بين التسوق عبر الإنترنت وعبر المتاجر الفعلية ويتبعون مبدأ التوفير والبذخ حيث يوفرون المال في بعض الأحيان وينفقون ببذخ في أحيان أخرى ولا يظهرون ولاءً كبيراً للماركات ويركزون على قضايا الصحة والاستدامة ورغم ذلك أحياناً كثيرة لا يكونون مستعدين لدفع المزيد للحصول على منتجات تحمل قيماً صحية ومستدامة وطبعاً هذا السلوك المتنامي يشكل تحدياً أمام تجار التجزئة والساسة للتكيف مع تفضيلات وتوقعات الجيل الجديد ويتطلب فهم واستقطاب «المستهلكون صفر» وضع استراتيجيات متعددة القنوات بين المتاجر الرقمية والمتاجر الفعلية وتخصيص تجارب التسوق على نطاق واسع وإعادة تشكيل البصمة الاجتماعية للشركات وهذا ينطبق على الساسة أيضاً والدروس التي سيستفيد منها الساسة في التعامل مع جيل Z هي أن هذا الجيل لا يثق بالرسائل التقليدية للعلامات التجارية والحملات السياسية ومن المهم التركيز على القيم والأفعال المتسقة والشفافية ويمكن الاستفادة من المؤثرين العاديين بشكل فعال أكثر من المشاهير وامتلاك وجهة نظر قوية أفضل من التمسك بالسياسة الحزبية الصرفة والتعبير عن الذات جداً مهم لدى هذا الجيل والقيم والمساءلة أيضاً، ويملك جيل Z وعياً سياسياً واجتماعياً مما يجعله قوة سياسية لا يستهان بها في عالم متحرك. ويدرك الديمقراطيون أن الأولويات القصوى للناخبين الشباب تشمل قضايا مثل العنف المسلح (43 %) وتغير المناخ (31 %)، وقضية القروض الطلابية لذا فقد عالجوها من خلال العديد من مشاريع القوانين الكبيرة والتاريخية. والغريب أنه في إحدى مجموعات البحث وجدوا أن 4 فقط من كل 8 أشخاص كان قد سمع بعد شهر بقانون الحد من التضخم - الاتحادي IRA والذي يهدف للحد من التضخم عن طريق تقليل عجز الميزانية الفيدرالية وخفض أسعار الأدوية والاستثمار في الطاقة النظيفة والتي خصص لها مبلغ 369 مليار دولار وهذا يدل على أهناك فجوة في الاتصال مع الجيل Z لا بد من ردمها وقد رأينا البيت الأبيض يقوم بتتبع بعض القواعد للتواصل مع الجيل Z حيث جمع البيت الأبيض في بداية الحرب الروسية الأوكرانية 30 من كبار نجوم التيك توك Tik Tok لاطلاعهم على الصراع الروسي الأوكراني حتى يتمكنو من نقل معلومات دقيقة إلى متابعيهم الشباب وفي خطاب الاتحاد في 2023 م قامت ممثلة كاليفورنيا نانيت دياز بدعوة أوليفيا جوليانا - الخبيرة الاستراتيجية لمجموعة الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي Gen Z for Change - جيل زي من أجل التغييير - حيث غردت جوليانا بالشكر لبايدن على تمويل خطة الإنقاذ الأمريكية التي ساعدتها على الالتحاق بالجامعة وحصلت هذه التغريدة على أكثر من 750 ألف ظهور وهو معدل وصول أكبر بكثير بين الشباب مقارنة بقنوات البث التلفزيوني في أوقات الذروة. وقد علق روبرت ديوران وهو الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات Milk قائلا: «إنه يمكن للمشهد الديموغرافي المتطور أن يغير السياسة الأمريكية بشكل عميق، مما يوفر الفرص والتحديات لكل من الديمقراطيين والجمهوريين. إن صعود الجيل Z كقوة سياسية هو حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي حقيقة يمكن أن تعيد تعريف الخريطة الانتخابية والسياسة الأمريكية في السنوات القادمة».
و السؤال الكبير هل سيؤثر سلوك جيل Z كمستهلك صفر في السوق الاستهلاكية إلى ناخب صفر على الساحة السياسية؟
** **
- كاتب مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية