علي الخزيم
- تخيل أنك بمجلسٍ بين مجموعة من الرجال؛ وأحدهم يسأل آخر: (هل ستحضر وتشارك بحفل زواج ابنتك أو أختك)؟ ومع أنه بنظر البعض سؤال غريب وعجيب! إلَّا أنك ستسمع جواباً أعجب؛ وستكون الأجوبة عند الآخرين متباينة لدرجة الدهشة منها وممَّا تأسست عليه الإجابة والمبررات لها، وقد ينشأ جدل ونقاش بين الحضور يطول ويصعب ختامه بالتوافق للبون الشاسع بين فِكر من ضمّهم المجلس.
- سمعت بأحد المجالس من يقول لصديقه: بأني لم أدعُك لزواج ابنتي لأننا بالواقع لا ندعو الأصحاب والزملاء لحفلات زواج البنات والأخوات كما أني ربما لا أحضرها غالباً، سأله صديقه: ولماذا؟ فاكتفى بالقول: عادات أخذناها من الأجداد! وتجاوز صديقه المسألة واحتفظ بالسؤال بذهنه لعله يلقيه على من يمكنه الإجابة عنه لاحقاً، وجالت بخاطره جملة من الأفكار والتساؤلات العجيبة وسَرَح بتأملات حول علاقته بمثل هؤلاء النسوة من أسرته، وهل كان مخطئاً بحسن علاقته والاحتفاء بهن دوماً.
- لم يطُل الوقت كثيراً حتى وقعت عينه على مقطع (فيديو) مصوراً يغنيه عن نقل تساؤله إلى من يجيب عليه ويشفي غليله حول تلك الفكرة التي لم يقتنع بها؛ ولم يدعها تعبر دون أن يوقفها للتأمل واستقصاء المعنى والأسباب المؤدية للقناعة بها عند تلك الفئة التي (تأنف من حضور زواج البنت أو الأخت)، فقد أظهر المقطع رجلاً يحاور آخرين حول هذه العادة الغريبة عند البعض؟ قال قائل منهم: إني أميل؛ بل أفضل ألَّا أحضر أو أشارك بزواج البنت والأخت تعبيراً عن الحزن على فراقها؛ وهذا - برأيي - تبرير بعيد عن المنطق وواقع الحال.
- ذلكم أنها - مثلاً - لو كانت ستسافر إلى بلد آخر لسارع لوداعها والتلطف معها، ولو توفيت لكان أول المشيعين المترحمين عليها، وبرر آخر بأن السبب يعود لأن أحد الإخوان يكفي عن الباقين؛ وكأن المسألة تسجيل حضور أو مندوب عن الأسرة من الرجال، وبالنهاية استنتج أن الأسباب تعود لفكر طارئ عميق داخل مشاعر أولئك الرافضين للحضور وللمشاركة بالفرح؛ ويشرحون حججهم بعيداً عن الأضواء والتصوير بما يوحي بأنهم يخجلون من حضورٍ يعقبه اختلاء الزوج بابنتهم (زوجته)! وأراه أمراً مستحدثاً ومنافياً لمكارم أخلاق العرب، فأين هم من دخولهم كأزواج على بنات الآخرين؟
- وشتان بين وصف فلاسفة غربيين للمرأة وشأنها بين الرجال، وبين تقدير العرب والمسلمين لها؛ وحفظها من الإذلال والدَّنس، وتعظيم شأنها بمواقعها المختلفة من الأسرة، وحين يتغنى العربي بابنته صغيرة وشابة ويلاطفها بأجمل الأشعار والعبارات، تجد من فلاسفة ومفكري الغرب من يقول: المرأة لا تصلح إلا لإشباع رغبات الرجل، ويقول غيره بأنها خطأ طبيعي تولد من حيوان منوي سيىء؛ وغيرها من الأوصاف والنعوت المعترضة على خلق الله سبحانه وتدبيره للخلائق.
- ومن الإنصاف لتاريخنا العربي وموروثنا الأدبي أن نُسجّل بكثير من الإعجاب أقوال وقصائد كل من عبر عن حبه لبناته أو غيرته على قريباته؛ كقول أحدهم:
وهل يَطيبُ لنا وِردُ الحياةِ وما
في الدارِ سيّدةٌ ينْمو بها العمُرُ؟