د. سامي الدجوي
من أكثر المصطلحات شيوعًا في المنظمات سواءً الحكومية أو الأهلية أو غير الربحية، هي «الإدارة». كما أنها من أكثر المفردات استخدامًا بين الناس، وفي نفس الوقت من أكثر المفردات التي لم تلق حظًا وافيًا في فهمها الفهم الصحيح أو ربما سوء فهمها. فما هي الإدارة؟ هناك العديد من التعريفات للإدارة، أذكر منها، أن الإدارة هي عملية تحقيق أهداف المنظمة، باستخدام مواردها المتاحة (منها: الموارد المادية، والمالية، والبشرية)، ويتم كل ذلك وفق منهجية محددة وأسلوب مناسب. وعلم الإدارة هو أحد العلوم الاجتماعية أو الإنسانية، التي تعتمد إلى حد كبير على التفكير والتحليل والاستنتاج، لذا فهو علم قابل للتطوير باستمرار ويحمل وجهات نظر مختلفة صحيحة.
ولكي تكون الإدارة ناجحة فإنها تتطلب منها أن تحقق أهداف وغايات المنظمة، وتستخدم مواردها المتاحة أفضل (أو حتى أمثل) استخدام ممكن، وأن يتم ذلك وفق منهج علمي وأسلوب مناسب، هذه هي المكونات الأساسية لتعريف الإدارة. نوضح ذلك بالمثال التالي: تهدف المؤسسات الحكومية إلى خدمة المراجعين بالشكل المطلوب، من خلال موظفي استقبال الطلبات (هنا يستخدم الموارد البشرية)، الذين يطلبون أوراق ذات علاقة بالطلب ويتحققون منها ويحيلونها إلى الإدارة المعنية (وهنا تُستخدم المنهجية)، لإتمام الخدمة في الوقت المناسب بكل وضوح وسهولة (وهنا يُستخدم الأسلوب). هذه هي المهمة الرئيسة للإدارة، وأي قصور في أحد هذه المكونات أو الإفراط في التركيز على مكون دون بقية المكونات، فإنها تؤدي حتمًا إلى خلل في هذه الإدارة، وربما إلى فشل المؤسسة. فلو أن مديرًا أعطى اهتمامًا ووقتًا كبيرين لمتابعة أداء موظفيه وعدد المعاملات المنجزة من كل واحد منهم وأوقات حضورهم وانصرافهم، فإن هذا قد يؤدي إلى إخلاله بمنهجية العمل وربما إلى تأخير في تحقيق أهداف المؤسسة.
وهنا نقول إلى مثل هؤلاء المدراء، إنه كلما زاد علمنا وممارستنا بشكل صحيح لعلم الإدارة، أدى ذلك إلى نجاح عملنا ومنظماتنا وبالتالي الدولة. لذلك نجد أن المنظمات في الولايات المتحدة الأمريكية عندما ترغب في ترقية أحد الموظفين - مِمَنْ ليسوا من خريجي العلوم الإدارية (مثل: الإدارة، نظم المعلومات الإدارية، التسويق، الاقتصاد، ...) في مرحلة البكالوريوس - فإن المنظمات تطلب منهم الحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال (MBA) حتى يتمكنوا من تولي المنصب وإدارة القسم أو المنظمة بطريقة علمية صحيحة.
ختامًا، إن الإدارة علم وفن ومهنة. فهي «علم» قائم على نظريات علمية وممارسات عملية، ويقبل حقائق مجردة ومثبتة يمكن التنبؤ بنتائجها، مثل بقية العلوم الاجتماعية والطبيعية ولا يوجد تفضيل فيما بين تلك العلوم. وهي كذلك «فن» قائم على مهارات إدارية تُساعد على تطبيق هذا العلم بشكل أكثر فعالية، ويعتمد لتطبيقه على العقل والمنطق. والإدارة أيضًا «مهنة» وظيفية قائمة على العلم والممارسة. والإداري المثالي يجمع بين هذه الثلاثة العناصر. وهذا ما يتمتع به ساسة وقادة المملكة العربية السعودية بفضل الله تعالى.