د.م.علي بن محمد القحطاني
من ارتدادات مقالي الأخير (جدة تئن تحت وطأة أجنحة الحمام وأقدام القطط) المنشور بهذه الصحيفة الغراء بتاريخ الاثنين 15-1-2024 والذي تطرق لعدة نقاط منها وجود العديد من البرحات والأراضي البيضاء داخل الأحياء السكنية والتي أصبحت مرتعاً لتوالد العديد من الآفات والميكروبات والحشرات ومنها البعوض وتكاثره مما سيودي لتفشي حمى الضنك وعودته للواجهة من جديد وطالبت الجهات المسؤولة عدم الاكتفاء بإلزام ملاك تلك الأراضي بتسويرها أو فرض الرسوم النظامية عليها بل تحميلهم مسؤولية كل ما يترتب على وجودها من أضرار وما سببته من تدميرٍ لبيئة المدينة وصحة مجتمعها مما أعاد لذاكرتي مقالاً سابقاً نشر لي قبل ما يقارب أربعة أعوام تحت عنوان مخاطر منسية في الأحياء السكنية تساءلت فيه عن وجود أراضٍ شاسعة داخل (النطاق العمراني) بل في الأحياء السكنية المكتملة الخدمات ومنها المحاط بأسوار أو سياج وأغلبها تطل على شوارع ومحاور رئيسية في المدينة تستخدم لتخزين المركبات الجديدة لوكالات السيارات. فهي بشكلها الحالي تؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني وتعيق النمو العمراني وتدمر البيئية وتعيق أعمال الإدارات الخدمية في إيصال وتمديد الخدمات المختلفة في تلك المناطق وتمثل مصدر قلق دائماً للسكان لما تشكله من بيئة منفرة ومرتع خصب لتوالد وتكاثر الزواحف والقوارض والحشرات ومصدر دائم لخطر الحرائق وافتقادها لاحتياطات وقواعد السلامة إن بقاء هذه الأراضي يثير الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام عن وجود تحايل مركب ومبتكر على رسوم الأراضي البيضاء وكذلك على وجود المستودعات الخطر منها بالذات داخل الأحياء السكنية وما تمثله من خطورة على الأحياء المجاورة بل على المدينة بكاملها بنشرها للأوبئة والأمراض بالإضافة لمخاطر الحرائق لا سمح الله.
أصبح الوضع هجيناً من المخالفات في موقع واحد لتشتيت المسؤوليات بين أكثر من إدارة، بهدف التحايل والالتفاف على الأنظمة بزرع تشابك وتداخل في المسؤوليات وتشعيبها بين الإدارات.
وهنا أتساءل من سمح بوجودها وهل هي مصرحة أم لا وإن كانت كذلك فتحت أي فئة من الأنشطة رخصت مستودعات أم مخازن أم دور عرض (معارض) وهل طبقت عليها المعايير والاشتراطات التي تنطبق وتلائم تلك الأنشطة أم أنها وجدت في غفلة من الزمن؟ وأخشى أن تندرج تحت طائلة الفساد وأحسبها منتشرة في أكثر من مدينة ومحافظة حسب انتشار المستفيدين من وجودها.
ويستمر مسلسل التساؤلات من المسؤول عن وجود هذه الكيانات بهذه الطريقة هل هي الأمانات وبلدياتها الفرعية أم الدفاع المدني وأقسامه المختلفة أم وزارة البيئة والمياه والزراعة وهل لوزارة الإسكان دور في هذا الموضوع؟. تساؤلات تبحث عن إجابة وتوضح صعوبة الأمر والحاجة لفض هذه التشابكات أولاً وحل تداخل المسؤوليات بين هذه الجهات على وجه السرعة مع البعد كل البعد عن اللجان الدائمة بوضع أسس وقواعد يتفق عليها وتصبح هي الفيصل في هذه الحالات وهذا سيسهم في تحقيق متطلبات رؤية المملكة 2030.
والجميل في الموضوع أن طول المدة ذكرني بمقولة منتشرة في أوساطنا الاجتماعية: (طنش، تعش، تنتعش)، وفي رواية أخرى (طنش، تعش، تنعش وتنتعش)، وهذا هو أسلوب تعامل الجهات المعنية مع المقال فلم نرَ تحركاَ على أرض الواقع ولا توضيحاً وتفسيراً إن وجد لما ورد فيه فقد تكون مجرد تكهنات واستنتاجات غير صحيحة وفي هذه الحالة ومن باب الشفافية أصبح لزاماً عليهم توضيح ذلك للقارئ الكريم وتثقيف المجتمع ليكون على بصيرة ويتمكن من القيام بدوره كمساند للجهات المعنية في أداء مهامها عن معرفة ودراية.