سهوب بغدادي
في عصر السرعة والتطور الرقمي والحضاري الذي يتطلب المواكبة الآنية لكل التغيرات والمتغيرات، تبرز للعيان مجالات جديدة لازمة لتحقيق الأهداف المأمولة، على سبيل المثال الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والطاقة المتجددة، وعلم الروبوتات، والابتكار، حيث يعد المجال الأخير متطلبًا في لكل مؤسسة وكيان ناشئ، بالإضافة إلى الكيانات الأصيلة بهدف التطوير ومواكبة ركب الحداثة، في هذا الصدد، أخبرتني الأستاذة أميرة الفصي التي تعمل مستشارة لتطوير الأعمال والابتكار في إحدى الشركات البارزة، حيث بيّنت لي مدى أهمية مجال عملها في خضم التسارع في التطور وازدحام المشاريع على اختلاف أُطُرها ومجالاتها، كما استوقفتني رحلتها للوصول إلى هذا المجال والإبداع فيه، فقالت إن الفضل الأكبر يعود لله ثم الجامعة التي تخرجت منها، وتعزو السبب وراء هذا النجاح إلى إشراكها في الفعاليات المقامة والأعمال التطوعية والمجالس الطلابية والأنشطة، من ثم متابعة سير تطورها في مرحلة ما بعد التخرج، على غرار ما تفعله الجامعات الأجنبية التي تشرك الخريجين في العملية التوعوية بهدف تحفيز الطلاب المنتسبين، كذلك بتعليق صور الشخصيات الناجحة في المجتمع في أروقة الجامعة اعتزازًا وفخرًا بهم.
الجدير بالذكر أنها بدأت الدراسة من تخصص الأحياء، وبعد ثلاث سنوات شعرت بأن هذا المجال لا يتوافق مع تطلعاتها لسوق العمل، لذا قامت بتغيير التخصص إلى علم النفس، واستفادت من النظريات النفسية والسلوكية في عملها الحالي لمعرفة سلوكيات العميل وتوقع توجهاته، على حدِّ تعبيرها، فمن هنا كانت الانطلاقة في مجال الأعمال والابتكار، بلا شك، إن قصتها تجعلني أسترجع على الفور القرار الذي صدر مؤخرًا عن عدد من الجامعات السعودية، وهي سابقة في تاريخ الجامعات في المملكة، من خلال إتاحة دراسة أكثر من تخصص في مرحلة البكالوريوس، أو ما يعرف بالتخصص المزدوج Double Major.
إنها خطوة جيدة جدًا، خاصةً وأن اختيار التخصص يأتي في مرحلة مبكرة من عمر الإنسان ويعد التراجع مكلفًا ومضنيًا في أغلب الأحيان، لذا فإن دراسة تخصصين توسع مدارك الشخص وتساعده في رسم ملامح المستقبل، وتوظيف المهارات والعلوم المكتسبة في التخصصين بشكل مباشر وغير مباشر، ولا نزال نتطلع للمزيد من مثل هذه القرارات البديعة والتي تصب في صالح المجتمع.