عبد الله سليمان الطليان
ما زال هناك حط من قيمة مفهوم الثقافة، وذلك عن طريق حشر أي شخص وإعطائه قدرا منها على خلفية القرابة أو المعرفة أو من أجل مصلحة مادية، إنه لأمر معيب ومخجل.
إن هذا التشويه لمفهوم الثقافة يعود بالأساس إلى التأثر بالترسب القبلي الذي يقوم على (الاسم وانتمائه وليس على العقل).
ولقد تعدى هذا المفهوم مع الأسف إلى واقع (بعض المشاهير) الذين يملأون وسائل التواصل الاجتماعي في أقوالهم وأفعالهم أحيانا مستوى يصل إلى حد (القبح) ومع ذلك نجد هناك من يمنحهم (كلمة ثقافة) عند اللقاء بهم أو محاورتهم، فيصيبهم الغرور فيغلف نفسه بمصطلحات ثقافية وهو لا يعرف حقيقة المعنى, ويتضح أنك أمام رجل يشبه رجل أبي حنيفة الذي كان في درس علم مع تلامذته، وكان الإمام يمد قدميه أثناء الدروس للآلام في ركبتيه، وبينما هو كذلك في يوم من الأيام، إذ دخل عليهم رجل صاحب لحية كثة وملابس بيضاء نظيفة وكان مظهره يدل على الوقار والحشمة.
اعتدل أبو حنيفة في جلسته وضم قدميه احتراماً للرجل الذي جلس بين التلاميذ يستمع، وواصل تقديم الدرس حتى استأذن الرجل الوقور وسأل الإمام سؤالاً وقال: متى يفطر الصائم؟!
للوهلة الأولى، خشي أبو حنيفة أن يكون في سؤال الرجل خدعة، فربما يكون شيخاً عالماً كما دل على ذلك مظهره.. فقال بحذر: يفطر الصائم حين تغرب الشمس.. فقال الرجل: وإذا لم تغرب الشمس؟!.
ها هنا اطمأن أبو حنيفة على الفور، الذي خاب ظنه في الرجل، ومدّ قدمه مرة أخرى وقال قولته المشهورة: «آن لأبي حنيفة أن يمد قدميه».
وللقضاء على هذا وبلوغ ثقافة حقيقية ورصينة في المحتوى.
أتمنى انشاء جمعية (النزاهة الثقافية) يقوم عليها رجال ونساء ذوو ثقافة عالية يوجد لديهم التجرد والحيادية وعدم الخضوع للميول والعواطف والتحيز، يقع على عاتقهم التوضيح بجرأة عن كل محتوى ثقافي في كافة صنوف الأدب المختلفة وكذلك المحتوى الإعلامي وصاحبه وخلفيته الثقافية.