أحمد المغلوث
ليس وحده الذي يعاني من متاعب صحية في منطقة حساسة. من جسده خاصة وهو تجاوز عقده السادس بسنوات، وحمداً لله كثيراً أن لديه تأميناً صحياً في هذا المستشفى الخاص فبعد تحويله من استشاري الباطنية لمراجعة استشاري أمراض المسالك البولية، وبعد الفحص الدقيق طمأنه الطبيب السعودي أن الحالة بسيطة جداً وأن تضخم «البروستات» التي يعاني منه هناك الملايين وفي مختلف المجتمعات والحمد لله التضخم الذي معه حميد فلا خوف منه، وقال له كتبت لك دواءً فيه شفاء بإذن الله وكم كانت سعادته كبيرة عندما أخبره الطبيب السعودي وابتسامة واسعة كانت تلوب حول شفتيه بأن وضعه سوف يعود كما كان سابقاً وسوف يعود الشيخ إلى صباه, تراجع في مقعده وهو لا يكاد يصدق ما يسمع كاد أن يقفز من مقعده من فرط سعادته وسروره، ويقبل رأس طبيبه الذي لم يتردد أن يعرض له وعبر الصور أن حالته أفضل من غيره بكثير ودّع طبيبه حاملاً وصفته الطبية متجهاً إلى صيدلية المستشفى، وشعر بأنه لم يكن يسير بخطوات وئيدة في طريقه لصرف وصفته بل شعر بأنه يطير فرحاً في اتجاه نافذة الصيدلية، وقف أمام «الصيدلانية» التي تناولت منه الوصفة وبخفة ذهبت وأحضرت له الدواء وفجأة قالت له: كاش ولا بطاقة فرد بعدما تجمدت عيناه يا بنتي: أنا عندي تأمين فهزت رأسها صحيح عندك ما شاء الله تأمين، ولكن وما أصعب لكن في هذه الحالة فالدواء يؤسفني يا بوي أنه يعتبر دواءً ترفيهياً وبالتالي لا يدخل ضمن الأدوية الأخرى فتنهد تنهيدة خفيفة وقال بعدما أخبرته عن قيمته غريبة هناك أدوية أسعارها ضعف سعر هذا الدواء «الترفيهي» ومع هذا تصرف تحت مظلة التأمين، وأضاف أليس من الغريب والعجيب أن لا يتاح هذا الدواء الذي أنا بحاجة له وملاييين غيري لا في بلادنا ولكن على مستوى العالم فكيف الحال مع أمثالي من «المتقاعدين» غير أنه لم يتم كلماته. فتراجع عن نافذة «الصيدلية» وراح يفتش جيوبه واختلج بدنه بقشعريرة مفاجئة عندما لم يجد محفظته في جيبيه اليمين ولا الشمال ثم أخذ يسأل نفسه هل بات يعاني أيضاً من النسيان.. مرض العصر.. لكنه ما زال شاباً في حيويته فهو لم يتخطَّ الـ 65 سنة. وشعر بأن وجنتيه قد تضرجتا بالعرق رغم برودة الجو بل إنه يسمع صوت الرعد واضحاً، وهذا دليل أن سمعه ممتاز تعوذ من الشيطان وأبعد عنه الوساوس. لكنه ماذا يقول للصيدلانية.. وبعد تردد عاد للصيدلانية وقال لها: اسمحيلي يا دكتورة نسيت محفظتي في البيت. فردتما فيه مشكلة بإمكانك تشتريه من الصيدليات الخارجية.. عادي.. هنا قال لها جزاك الله كل الخير الله يكثر من أمثالك، وأضاف إننا نفخر بوجودكم في مثل هذه الأماكن.. وساد الصمت لحظات ثم أعادت له الوصفة، وعاد يقول لها في صوت خفيض، وهو يطبع على شفتيه ابتسامة شكر وهو يتسلم الوصفة.. اتجه إلى سيارته، وحال جلوسه أمام المقود راح يحسن من وضع وسادته الوقائية التي تحميه من آلام «الدسك» فإذا بيده تصطدم بمحفظته.حينها تساءل هل يعود مجدداً لصيدلية المستشفى. أم يذهب لصيدلية خارجية. لحظات استبدت به الحيرة المشبعة بالتردد. فقال لنفسه الأفضل أن اتجه لإحدى الصيدليات وما أكثرهن بل بتن ينافسن في انتشارهن الكافيهات، والبقالات.. وأخيراً وصل لأقرب صيدلية في طريقه إلى بيته، وكم كانت سعادته بالغة فها هي صيدلانية أخرى تعمل فيها.. حمد الله كثيراً وهو يتسلم الدواء «الترفيهي» وتمنيات بالشفاء العاجل رددتها الدكتورة وهي تسحب قيمته المرتفعة..