د. محمد بن أحمد غروي
حكم الرئيس الإندونيسي بلاده لعقد كامل ولفترتين، وبحسب الدستور لا يحق له إعادة انتخابه لفترة ثالثة. واتسمت فترة رئاسة جوكوي بتركيزه على تطوير البنية التحتية، وبرامج الرعاية الاجتماعية، وتعزيز النمو الاقتصادي. وشهدت البلاد خلال ذلك فترة من النمو المستقر بشكل ملحوظ، وصل إلى نسبة 5 في المائة كل عام من فترة ولايته، باستثناء عام 2020 عندما انكمش الاقتصاد جراء الوباء العالمي.
تميزت رئاسة جوكوي بالتركيز بشكل رئيسي على الاقتصاد، ويرجع ذلك إلى خلفيته الاقتصادية، كونه رجل أعمال في الأصل، فسن العديد من القوانين الشاملة لتعزيز الاستثمار وخلق فرص العمل، وعلى نحو مماثل، دفع باتجاه مشاريع مميزة مثل خط السكك الحديدية فائق السرعة بين جاكرتا وباندونغ، ونقل العاصمة إلى شرق كاليمانتان، فضلاً عن مشاريع البنية التحتية الأخرى والصناعات التحويلية التي أغضبت العديد من الشركات التي كانت تنهش من خيرات الأرخبيل من المواد الخام، فأوقف تصدير النحاس والقصدير والمواد المصنعة لليثيوم وغيرها، كما نجح في بناء علاقات إيجابية مثمرة مع عدد من الدول الخليجية والعربية، فأجرى خلال فترة حكمه زيارات متكررة للدول العربية على رأسها السعودية، وكانت وقتها الزيارة الأولى للرياض في عام 2015، إلى جانب أبو ظبي والدوحة.
كما أجرى زيارات للمملكة العربية السعودية في 2017 و2019 و2023 إلى الرياض وتميزت العلاقات خلال فترة حكم جوكوي بالتطور بين إندونيسيا والمملكة، كما ساهم بشكل مباشر في رفع مستوى العلاقات بين رابطة آسيان ومجلس التعاون الخليجي الذي عُقِد العام الماضي.
يتنافس على مقعد الحكم واستمالة 205 مليون ناخب، ثلاثة سياسيين كبار، هم: برابوو سوبيانتو وزير الدفاع السابق، غانجار برانو حاكم جاوى المقاطعة الكبرى المكتظة بالسكان وأنيس باسويدان ذو الأصول العربية وحاكم جاكرتا السابق.
ينتظر المرشح القادم عددًا من القضايا والتحديات، من بينها: رفع مستويات النمو الاقتصادي، والاستمرار في جذب الاستثمارات والمشروعات، إلى جانب استكمال خطط دعم الصناعات الوطنية، والحفاظ على علاقات مستقرة مع الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وستكون السياسات البيئية من بين الملفات التي لها أهمية كبيرة على طاولة الرئيس المقبل، إلى جانب الحفاظ على دور إندونيسيا النشط في الإقليم ورابطة آسيان.
توحد المرشحون في العديد من خططهم وبرامجهم الانتخابية، واعدين الناخبين بتسريع تحسين مستويات المعيشة والحد من الفقر، كما يدرك المرشحون أهمية تعزيز القاعدة الصناعية للبلاد؛ لتقليل الاعتماد على الواردات، وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات، وتحسين البنية التحتية المادية لدعم النشاط الاقتصادي وتسهيل التجارة والاستثمار.
الرئيس الجديد وإدارته سيحددون مسار التنمية الإندونيسية على مدى السنوات الخمس أو العشر المقبلة، وبغض النظر عمن سيحكم بلاد الأرخبيل، في اعتقادي أن نهج إندونيسيا المنفتح والقائم على الحياد وقيادة آسيان والتركيز على علاقات جيدة من دول الخليج العربية.