رمضان جريدي العنزي
تستطيع أن تكون شخصية مميزة، وصاحب رسالة شامخة، ومدرسة أخلاقية سامية، وذا سيرة خالدة مزدانة بروائع المواقف، وروح مهذبة طافحة بالإيثار والعطاء، إن عنايتك بالآخر هي الكاشف الحقيقي عن التميز الإنساني الذي بداخلك، والروح المشرعة أبوابها للخير والعطاء، إن عمر الإنسان ما هو إلا فرصة ذهبية لزرع المحاسن والمكارم والمناقب والفضائل، وبذل الجهد في مضامير البر والإحسان والمعروف والنفع الإنساني، إنها أمور غاية في الروعة والجمال أن يفعل الإنسان هذه الأشياء الراقية ويعمل بها، إن الإنسان بأعماله ومواقفة وعطائه وإنجازاته، لا بتقوقعه على نفسه وتشرنقه وتوحده وأنانيته، لا بماله الذي يفنى، ولا بمنصبه الذي لا يدوم، إن الرجل المعطاء النبيل يبقى في ذاكرة الناس ولا يزول، وإن مات يبقى حياً بينهم، عكس المنغلق على نفسه وذاته ونرجسيته، يعيش لا يعرفه أحد، ويموت لا يعرفه أحد، إن الإنسان النبيل المعطاء قدوة للناس، مثل السراج المنير، والفضاء الفسيح، والحديقة والماء، في الحكمة القديمة (كما تزرعون تحصدون)، إن من أهم السمات التي تقفز بالشخصية الإنسانية إلى القمم العالية، الحب الصادق للناس، والعمل على خدمتهم ونفعهم وقضاء حوائجهم وإدخال السرور والفرح على قلوبهم، حسب القدرة والاستطاعة، إن رفعة الإنسان وسموه هو نبله ودماثة خلقه ورقي سلوكه، إن الإنسان النبيل ليس همه ودافعه الانتفاع الذاتي ولا المصلحة الشخصية، وإنما همه ودافعه البعد الإنساني في البر والإحسان الخالص من شوائب النفاق والرياء، فكم من يتيم سانده وعاضده، وكم من أرملة أعيتها الحياة وقف معها وساعدها، وكم من هائم على وجهه أخرجه من ظلمات التيه ودروب الضياع، وكم من فقير أنهكته الحاجة سد رمقه ولبى حاجته، وكم من مريض عالجه، وكم من معسر فرج كربته، وكم من مبتلى واساه، إن الذي يعمل هذه الأعمال يتبوأ روابي التقدير والمحبة والإعجاب، ويأتيه من الناس الشكر الجزيل، والثناء الجميل على مروءاته وخدماته وشهامته وأريحيته وبهاء كرمه وعطائه، إنه بهذا يحطم الحواجز الصلدة، ويستقر في وجدان الناس وعقولهم، إن الجسد يختفي في التراب، لكن المناقب لا تختفي، فهنيئاً لأصحاب الفضائل والمحامد والمآثر، وحسرة على أصحاب المقابح والمثالب والذات الأنانية، واليد الضيقة، لهذا أزرع الطيب تحصد للجنازة.