ناهد الأغا
مرة أخرى، أكرر الوقوف في حضرة سيرة شاعر سعودي شعبي، قرض الشعر النبطي القريب من النفس والأسماع، وأستذكر مسيرته وأقواله، التي انتظمت أبياتاً حسنة اللفظ والسمع، ففرصة كريمة وطيبة أن أستذكر الشاعر السعودي مساعد بن ربيع الخياري الرشيدي «سيف العشق» -رحمه الله - وقصائده الشعبية باللهجة النبطية المحببة للذوق والطرب، حتى وإن مضت السنون بعد غياب الشاعر فإننا لم ننسَ أثرك وذكرك، كلما سمعت الأذن كلماته العذبة التي غناها فنان العرب محمد عبده (أنت نسيتي)
حتى لو كنتي السنين اللي راحت
مقدر أحبك
حتى ولو كنتي الحنين اللي في جراحك
مقدر أنا قربك
ياصدى من غير صوت
مابه حياه من غير موت
لوتدرين وش أنا منه خايف
إن باقي لك من الذكرى حسايف
يا لجمال الصور الفنية، النابعة من القلب وبعفوية فائقة، وتعبر عن شغاف النفس وتموجاتها، وعميق الأحاسيس وأعذبها، تماماً كما في أبيات «عيني تشربك شوف» التي ازدان جمالها بصوت وأداء الفنان السعودي الكبير عبدالمجيد عبدالله
عين تشربك شوف وعين تظماك
لاذبحني ظماك ولا رويتك
قان تبسمت قلت الموعد شفاك
وان تمنعت بانفاسي دعيتك
وان طلبت الغلا قلت الغلا جاك
وان سكنت الخفوق البيت بيتك
وإن نثرت القصيد بدرب لاماك
ذاع صيت القصيد وذاع صيتك
يارجا العمر لو حفتك الاشواك
ليتك اول طريق القلب ليتك
ودع البرد كف ضم يمناك
صافح الود قلبي يوم جيتك
حي هالشوف رغم هموم فرقاك
لو تناسيت جرحي مانسيتك
مت أخيلك هنا وهناك وهناك
وين ترحل بي النظرة نصيتك
وتلمس في «سيف العشق» كأن هنالك سيفاً قاطعاً حاداً في وجه عاتيات الزمان، وقسوتها وآلامها، وكيف تكون المتناقضات سائدة وحاضرة، غُنيت بصوت الفنان محمد السلمان، واتصف الشاعر -رحمه الله - ونُعت بعنوان هذه القصيدة، فلقد كان للوصف فيها معانٍ بعيدة، وآثار واضحة
كيف أطفي الريح بثيابك وكيف أشعلك
كيف أتثر على جمرك وكيف أحتويك
نقّضت ليل الحرير وجيت منت لهلك
سميت باللي فتني بك وجيت ابتديك
هذا اول الدرب اوهذا الطريق اولك
جيت اتوقا عذابات المدى واهتديك
شوقي مسافة وهمساتك مدار وفلك
إن ماضميتك غلا ياعلني ما أرتويك
إيه أعرفك وأعرف إني من غلاك أجهلك
مرات أضمك وأخاف إني مشبّه عليك
مرات أشوفك بنفس الوقت واتخيلك
وأنشد كفوفي عن آخر سالفة من ايديك
صور فنية وبلاغية بلغة عامية ودارجة مبسطة وفاهمة، وبأبيات نبطية امتلأت بالمقابلات البديعية والبيانية مكتملة بأفضل المعاني والأحاسيس، رحمك الله يا سيف العشق، ولعلنا نذكرك بخير ما كان فيك.