مها محمد الشريف
الأمم العظيمة هي التي تعيش حركة التاريخ والبناء الحضاري، وما يخلفه التاريخ من شواهد تنطوي على مغزى أعمق، تاريخ المملكة العربية السعودية عظيم برجاله العظماء الذين أسسوا القواعد الصلبة لقبلة المسلمين وقلب الأمة العربية، والمكانة المهمة والمتميزة التي مكّنتها من القيام بدورٍ محوري في محيطها الخليجي والعربي والإسلامي وعلى الصعيد العالمي، واستثمار مكامن قوتها الاقتصادية لبناء اقتصاد متنوع ومستدام، ريادة إقليمية ومكانة دولية بفضل ثقلها الاستراتيجي ودورها المحوري.
موقع المملكة الجغرافي الاستراتيجي يربط القارات الثلاث (إفريقيا وآسيا وأوروبا) ماضية في إقامة مشاريع سياحية واستثمارية عملاقة تخدم رؤيتها المستقبلية 2030، وهذه الأهمية البالغة تجعلنا نفخر ونعتز بيوم من أيام تاريخ المملكة، يوم التأسيس/ بأمر ملكي: يكون يوم (22 فبراير) من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم (يوم التأسيس) ويصبح إجازة رسمية، وذلك رمزاً إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية عندما أسسها الإمام محمد بن سعود منذ أكثر من ثلاثة قرون عريقة (1139 الموافق 1727).
اليوم الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للوطن الحبيب، الذي تصدر مكانة عالمية تساهم في صنع القرار السياسي والاقتصادي الدولي، ولديها أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، كما أنها أكبر مصدّر للنفط في العالم، وتأثيرها القوي في القرار الاقتصادي الدولي من بوابة الطاقة، تم اختيارها عضوًا ضمن مجموعة العشرين الاقتصادية، التي تضم أقوى 20 اقتصادًا حول العالم، مملكتنا تسير نحو المستقبل بخطى ثابتة راسخة.
ويوم التأسيس الذي نعيشه بكل ما فينا من مشاعر وعواطف وحب وولاء استذكاراً لامتداد الدولة السعودية من ثلاثة قرون وإبرازاً للعمق التاريخي والحضاري لها، يحتفي الشعب السعودي بالإرث الثقافي المتنوع، والوفاء لمن أسهم في خدمة الوطن من الأئمة والملوك والمواطنين، هناك الكثير من الأمور السديدة، الصائبة والنافعة لا تعد ولا تحصى، فقد فرض التاريخ نفسه وحتم علينا أن نستذكر أحداثه وإنجازاته ليتزامن مع فجر يوم التأسيس المشرق.
و تحضر هنا المراحل تباعاً منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود وعاصمتها الدرعية في عام 1139هـ الموافق 1727م، ثم تتابع المراحل الأربع إلى أن تصل إلى أهم مراحل الدولة السعودية؛ لتصبح التحولات حالة استثنائية تخبر عن مسيرة العصر لتأسيس المملكة العربية السعودية بشكلها الحالي في 1319هـ الموافق 1902م على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وعاصمتها الرياض، كما أنه لم يفصلها عن الدولة الثانية سوى 10 سنوات، وهو ما يدل على امتداد الدولة السعودية ووضوح المبادئ الراسخة التي قامت عليها.
اليوم السعودية الأولى في الكثير من الإنجازات الضخمة على مستوى العالم وقد تفوقت على الكثير من الدول المتقدمة في الخدمات الحكومية الإلكترونية بشكل نموذجي متفرد، في كثير من المجالات والقطاعات، تصدرت في قائمة الأوائل على التوالي، فالمملكة تتصدر رقمياً دول مجموعة العشرين ضمن تقرير التنافسية الرقمية 2021، وتصدرت أيضاً الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة عبر نتائج مؤشر قياس التحول الرقمي بتحقيقها المرتبة الأولى من بين 176 جهة حكومية للعام 2021م الصادر عن هيئة الحكومة الرقمية.
لقد حققت المركز الأول في مجال توفر الخدمات الرقمية وتطورها، منظومة برامج مترابطة تمثل خطة السير لتحقيق الرؤية الطموحة2030، وأبرز مشاريعها البنى التحتية ومشاريع السياحة والترفيه، والطاقة والصناعة، والاستدامة البيئية، آلية عمل لا تتوقف برامجها وتقدمها الهائل في كل شيء، حاضرة متفاعلة داخل المجتمع الإقليمي والدولي عبر دعم قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب، والانضمام إلى تحالفات وشراكات اقتصادية وأمنية وسياسية لتحقيق الأمن والاستقرار العالمي.
عندما تتوحد الأرض وتستقر يكبر حجم التطور، وبذلك يكون لكل عصر روحه وإنجازاته، بلد كل ما فيه ينطوي إلى التطلع نحو السماء بقائد ملهم وحكومة رشيدة، بعطاء لامحدود للوطن والمواطن فقد نجحت القيادات السابقة والحاضرة في إرساء قواعد صلبة للدين الحنيف والشريعة الإسلامية، بكل المراحل والحقب التاريخية المحفورة في التاريخ العريق للدولة السعودية.