ناصر بن محمد الحميدي
نعيش ومعنا سائر الشعوب ذكرى وطنية خالدة تعيد إلى أذهان حاضرنا الجميل ملحمة يوم التأسيس التي غيَّرت مجرى التاريخ ورسمت ملامح وحدة وطنية برؤية حضارية، وتعاقب على إحيائها وتقدمها ملوك وأجيال حملوا الأمانة وانطلقوا بها إلى آفاق التقدم والرقي والازدهار، مستندين على قيم ثابتة وإرث يستمد ثقته من تعاليم سماوية لا يأتيها الباطل من قريب أو بعيد.
إن إحياء هذه الذكرى المجيدة وغرسها في نفوس الناشئة وتأصيل معانيها وآثارها البليغة في نفوس الأجيال القادمة يُمثّل وعياً وطنياً نجني ومعنا الجميع أثره الطيب ونتائجه المحمودة عاماً تلو عام.
نحتفل بيوم التأسيس لأننا ومنذ تأسس هذا الوطن العظيم لم نكن تابعين لأحد حتى نحتفل بما يُسمى بيوم التحرير أو الاستقلال عنه، ولم نتباهَ بمنحة من مستعمر.
فالمملكة العربية السعودية لم تنْمُ وتتقدم لأن خارطتها تشكلت على طاولة مفاوضات، أو جاءت على ظهر دبابة أجنبية، بل رسم حدها ابن سعود وتولى تطويرها أجيال تعاقبت على حمايتها ونموها وازدهارها بإرادة ملوك أوفياء حتى وصلت اليوم إلى أعلى مراحل التقدم والازدهار.
لقد كانت ملحمة باهرة وقف لها التاريخ فاتحاً عينيه إعجابا بملامحها، فقد انبرت بملامحها وجرأتها وقوة عزمها، وتجاوزت عبر السنوات كل عقبات البدايات، وجعلت من المصاعب والابتلاءات تجارب تعجم عودها وتقوّي ظهرها، وبمسار لا يعرف سوى التطلع إلى الأمام.
إن تحقيق المنجزات لا يتم بالأحلام والأمنيات، لكنه يتطلب العمل الجاد والسعي الدؤوب، بل والتضحيات العظيمة والاستفادة من التجارب وتراكم الخبرات، وهو ما تم وضع أساساته الأولى قبل ثلاثة قرون في أرض المملكة، ليكون القاعدة المتينة التي ارتفع عليها البناء، وما زال يشمخ وهو يبلغ عنان السماء بحول الله وقوته.
إننا ونحن نحتفل بذكرى يوم التأسيس، يحق لنا أن نفخر بتاريخنا العظيم الذي شهد بطولات رجال هم أسلافنا الميامين، كما يحق لنا أن نذكر بكل الامتنان بطل التأسيس الإمام محمد بن سعود، بما قام به من عمل جبار، وتنفيذ رؤى كان يتطلع إليها بكل عزم وذكاء، فبذل في ذلك ما بذل، ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه، ولتدور العجلة لاحقاً صوب تلك التطلعات، فتتحقق، وتواكب، وتسبق، بذات العزيمة والإصرار.
هو يوم لاستعادة ما جرى بالأمس فكان نتاجه اليوم، وهو يوم للوفاء لأهل الوفاء، كما هو يوم لتجديد العزم على الحفاظ على المكتسبات، والعض بالنواجذ على الوحدة الوطنية الباهرة التي تزدان بها البلاد، ولتكاتف السواعد من أجل مواصلة البناء الحضاري، لتظل المملكة وإنسانها دوماً في المكانة التي نتطلع إليها.
شكرا لقائدنا المفدى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله وهما يتصديان للمهمة العظيمة في مواصلة الأمجاد للوطن والمواطن، وصناعة الحاضر الزاهر والمستقبل الظافر بكل عطاءات الحضارة والحياة الإنسانية الرفيعة، والتي تليق بهذا الوطن وإنسانه على مر الأجيال.