مشعل الحارثي
يوم التأسيس هو وقفة جديدة مع أيامنا الماضية وتلك الجديدة نؤكد فيها للملأ بأن جمع شتات هذه البلاد وتوحيدها ثم انطلاق ركب البناء والتأسيس وما تحقق لها من نهضة عملاقة ومنجزات استحالت إلى معجزات أذهلت البعيد والقريب لم تولد من فراغ وإنما كانت نتيجة حتمية لتوفيق المولى عزَّ وجلَّ ثم لتلك العزيمة القوية والجهاد الطويل للقادة الأفذاذ وتلاحم القيادة ممثلةً في هذا النسل الطيب من أسرة آل سعود الذين أسسوا الكيان وشيّدوا البنيان ومن تلك العلاقة الممتدة التي شقت تضاريسها في قلوب الشعب على وشائج راسخة من الحب والاحترام والتواصل والتراحم والعواطف الشجية والحقول الندية والانضواء تحت عقيدة واحدة وأهداف واحدة ومبادئ أصيلة وقيم سامية فسطروا تلك الملحمة الخالدة التي أصبحنا نتفيأ ظلالها اليوم بكل فخر وشموخ واعتزاز (المملكة العربية السعودية).
في ذكرى يوم التأسيس ينتشي الحلم ويكمن النشيد وسيمفونية العشق الفطري بوطن الخير والأمجاد وذكرى الرجال الأكفاء الذين عملوا بكل تفاني وإخلاص وتضحية وفداء فحولوه بعزيمة الرجال الأبطال من بلاد فاقة وفقر وتشتت وشقاء إلى دار أمن وارف وعطاء، وواحة مخضله خضراء وأرض محبة وإخاء، استمدوا نهرها من مدرسة عظيمة أسسها جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيّب الله ثراه - وسار على نهجها بكل ثبات واتزان ورصانة أبناؤه الملوك من بعده حتى عهدنا الحاضر الوضاء.
هذا الكيان الكبير الذي أصبح ملء السمع والبصر وقبلة القاصي والداني ينتظر منا اليوم وكل يوم بأن نعطي وكما أعطى قادتنا الأفذاذ وأولئك الرجال النجباء وبكل ما نملك من طاقة وقوة من أجل المحافظة على مكتسباته ووجه الحضاري واستمرار هذا العطاء والتوهج لمستقبل مشرق وغد جميل واعد -بإذن الله - لأبنائنا وأجيالنا القادمة.
إن ذكرى يوم التأسيس تأتي لتؤكد للجميع أننا أصحاب حضارة عريقة يشهد بها التاريخ منذ زمن بعيد وكان لها اتصالها بكافة البلاد والحضارات والثقافات، ولديها ميراث لا ينضب من القيم والمبادئ والمثل السامية التي جعلت منها منارة في التقدم والازدهار ورعاية الإنسان أساس التنمية والبنيان.
إن جذورنا العربية الأصيلة وتمسكنا بعقيدتنا الإسلامية السمحة ومعطيات تجربتنا التنموية الفريدة تؤكد لنا أن السباق مع الزمن سيكون بمشيئة الله في صالحنا وأننا سننجز أكثر مما أنجزنا وسنحقق أكثر مما حققنا وأن عجلة العمل والبناء والتنمية ستظل دائبة الدوران ولن تتوقف، وهي هدفنا وطريقنا الذي اخترناه بإرادتنا وعزيمتنا التي لا تلين وستتحول ليالينا بعون الله إلى نور ممتد متصل لأن الله معنا يهدينا طريقه المستقيم ويقودنا من عنده لإعلاء كلمة الحق ورفعة الدين، ورفع راية العقيدة خفاقة إلى الأبد، ولأننا أولاً وأخيراً على قلب رجل واحد قيادة وشعباً، وسنظل دوماً وأبداً الأمناء على مقدساتنا الحامين لحدودنا درعاً لأصدقائنا وأشقائنا منافحين بصدق وإصرار عن قضايا أمتنا وقضايا العدل والأمن والسلام مدافعين عنها بكل قوة تحت قيادة قائدنا الأعلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله.
واليوم ونحن نستقبل هذه المناسبة الوطنية الكريمة (يوم التأسيس) نسأل الله جلَّ في علاه أن يبارك في مسيرتنا المظفرة ويحفظ لنا بلادنا من كل شر ومكروه، وأن يديم علينا السعد والنعم والأفراح، ويلهمنا أداء واجب الشكر للمعطي الوهاب على ما نحن فيه من رغد وبحبوحة في العيش كلما أشرقت شمس يوم جديد، وفي الختام نهنئ شعبنا بقيادته الحكيمة، وقيادتنا بشعبها العربي الصادق الأبي وكل عام والدار وراعي الدار في عز وتمكين ورخاء.