خالد بن حمد المالك
تقترب الحرب الفلسطينية - الإسرائيلية من اكتمال شهرها الخامس، ولا يوجد في الأفق أننا على موعد قريب لإيقاف القتال، وإطلاق الرهائن بالجانبين، والبدء في الترتيبات الفورية لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
* *
فأمريكا ضد أي قرار لوقف إطلاق النار، وهي مع إطلاق الرهائن لدى حماس، وليس مع إطلاق من يقبعون في السجون الإسرائيلية من الفلسطينيين منذ عقود، وهي مع دولة للفلسطينيين بالكلام لا بالفعل، وبالشروط المذلة إن صدقت، وبما يلبي الرؤية الإسرائيلية، لا بما يراه الفلسطينيون وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
* *
وكل جهد يُبذل لإنهاء هذا الصراع الطويل الدامي تُجهضه الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام حق النقض (الفيتو) بمجلس الأمن، وكأن واشنطن تمثّل بمواقفها تل أبيب في المجلس، وبالتالي فهي من ترفض أي قرار يدين جرائم إسرائيل، أو يوقف استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية.
* *
نعم كل ما يهم أمريكا إطلاق الرهائن لدى حماس، ولا يعنيها غير ذلك، حتى وعدد الشهداء من الفلسطينيين في غزة وصل إلى ثلاثين ألف شهيد، بفعل العدوان الإسرائيلي المدعوم من أمريكا ودول الغرب، سياسياً وبالسلاح والمال، ما يعني أن إسرائيل ليست وحدها في هذه المعركة غير المتكافئة، وإنما معها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا وألمانيا وغيرها.
* *
وزير خارجية بريطانيا يتحدث عن أهمية إيجاد قيادة فلسطينية جديدة في تدخل سافر بالشأن الفلسطيني، وإسرائيل تتحدث ضمن تهويد الضفة الغربية عن قرارها لبناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية جديدة لليهود، ورئيس وزراء إسرائيل يعلن عن أن إقامة دولة فلسطينية خط أحمر، وأن غزة ستكون تحت السيطرة الإسرائيلية، فعن أي دولة يتحدثون، وعن أي خيار يبحثون؟
* *
إسرائيل لم يبق أمامها لتهجير الفلسطينيين من منازلهم في غزة إلا رفح، وتهدد بأن أمام الفلسطينيين فرصة لمغادرة المكان قبل شهر رمضان، لأنهم إن لم يفعلوا ذلك، فإن تصعيد القتال سيكون أعنف لإجبارهم بالقوة على مغادرة المكان، فعن أي دولة يتحدثون؟
* *
في الضفة الغريبة، هناك اقتحامات عسكرية يومية يقوم بها الجيش الإسرائيلي والمستوطنون لمخيمات الفلسطينيين، ويمارسون فيها القتل، وأخذ رهائن إلى السجون، ضمن تهويد الضفة، وفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين، فعن أي دولة يتحدثون؟
* *
وإسرائيل تعلن بوضوح عن الترتيبات لقطاع غزة بعد الحرب، وبأنها ستباشر في زرع بؤر استيطانية لليهود، ضمن إعادة احتلال القطاع وتهويده، في مخطط لمنع إقامة دولة للفلسطينيين، فعن أي دولة يتحدثون؟
* *
أقول بعد كل هذا وعن قناعة، إن كل هذه الإجراءات الإسرائيلية لن تثني الفلسطينيين عن مواصلة القتال، لاسترداد حقوقهم المشروعة، وأن حماية أمريكا لإسرائيل لتمكينها من عدم تنفيذ قرارات المجتمع الدولي والمحاكم الدولية لن يطول، وإن طال فلن يتنازل الفلسطينيون عن حقوقهم، ولن يقبلوا بأقل من أراضيهم على حدود 1967م، فحذار من مواصلة إنكار الحق الفلسطيني، ودعم إسرائيل بالاستيلاء على ما هو ليس لها به حق، فـ75 عاماً من الاحتلال لم يسقط إصرار الفلسطينيين في الدفاع والكفاح وتقديم التضحيات لاسترداد حقوقهم، وهو درس يجب على إسرائيل وداعميها، وأمريكا وحلفائها أن يتعلموا منه ويستوعبوه.