العقيد م. محمد بن فراج الشهري
ماذا ينتظر العالم في أحداث غزة؟!.. هل عجز العالم بأسره ودوله ومنظماته هل عجز عن إيقاف دويله شاذة، مارقة، ماكرة، محتلة، تدوس الأحياء والأموات في غزة، ورفح، والضِفة؟! والمضحك المبكي ما تقوم به أمريكا وبريطانيا من ذرٍّ للرماد في العيون بتصريحات وتلميحات، حول حقوق الشعب الفلسطيني مع أنهم الذين لم يوقفوا دعمهم المعلن والخفي لدويلة غاصبة محتلّة، ولم يتغير شيء في خطط إسرائيل لإبادة الشعب الفلسطيني من قطاع غزة أولاً، ثم من الضفة الغربية لاحقاً وبدا واضحاً وجلياً للعالم كله أن الغرب بقيادة أمريكا منح إسرائيل (كارت بلانش) لتفعل ما تريده فيما تدنو انتخابات الرئاسة الأمريكية، وينشغل الاتحاد الأوروبي بأوكرانيا، والاقتصاد، ونقص الطاقة ومستقبل حلف شمال الأطلسي، وعودة الرئيس السابق ترمب للرئاسة، ومن الواضح أن إسرائيل تتعامل وكأن النُصح الأوروبي والمحاولات الخجولة بل المخزية من واشنطن لإثتائها عن الاستمرار في الإبادة الجماعية لا يعنيانها، وإذا شاء الرئيس بايدن ممارسة أي ضغوط عليها فهي ضغوط صورية وهو ينفذ ما يراه اللوبي الإسرائيلي الذي يتحكم في انتخابه وهذه التهديدات شملت الرئيس الفرنسي ورئيس وزراء إسبانيا، وأيرلندا لأنهم يريدون الاعتراف بالدولة الفلسطينية وأن ذلك لا يعنيها بشيء فهي بكل بساطة تحت رعاية الأم الكبرى أمريكا إضافة إلى مساندة بريطانيا الراعيتين لهذه الدويلة الخبيثة، وأن أي اعتراف بالحق الفلسطيني لايعنيها في شيء، فهي لن تعترف به، ولن تقبل حل الدولتين، حتى لو اندلعت حرب عالمية من منطقة الشرق الأوسط، أما الأمم المتحدة فهي أكثر المنظمات الدولية التي تحتقرها إسرائيل، فقد هاجمت الأمين العام أنطونيو غوتيريتش مراراً وتكراراً، كما (اخترعت) الاتهام لوكالة غوث للاجئين الفلسطينيين بأن 12 من موظفيها يقاتلون مع حماس وهو ادعاء كاذب لم تستطع إثباته لتطالب باستقالة مدير الوكالة، وتطالب بإلغائها تماماً.. وهذه كلها مؤشرات لا تشير إلا إلى قرب إبادة ما تبقى من سكان غزة من خلال اقتحام رفح، وإلى إبادة فلسطينيي الضفة الغربية آتية لا محالة..
وفي موقف يناقض ما هو معلن من خلافات بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل التي تتأهب لاجتياح مدينة رفح جنوب غزة، تخطط واشنطن التي تؤكد على كذب وقف إطلاق النار في القطاع المنكوب الذي تدعي أنها تحاول إسرائيل فيه فكيف ذلك وهي ترسل المزيد من الأسلحة إلى تل أبيب لتعزيز ترسانتها العسكرية في لعب فاضح ومكشوف وذر للرماد في العيون وأنها هي من تريد استمرار القتل والتدمير في غزة وكافة القطاع.. وقد كشف مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون أن إدارة الرئيس بايدن تستعد لإرسال حزمة جديدة من الأسلحة تشمل ما يقرب من ألف قنبلة من طراز 82MK، وذخائر 572-KMU- التي تضيف توجيهاً دقيقاً للقنابل، ومهمات قنابل 139-FMU، وأفصح المسؤولون أن قيمة الأسلحة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، وفق ما نقلته عنهم صحيفة (وول استريت جورنال - Wall Street Journal) وأفاد طلب نقل الأسلحة المقترحة الذي صاغته السفارة الأمريكية في القدس المحتلة، أن الحكومة الإسرائيلية طلبت الاستحواذ السريع على تلك الأسلحة لإهلاك ما تبقى من الشعب الفلسطيني.. لذلك فكيف تقول أمريكا إنها تسعى لإيقاف الحرب أو عدم اجتياح رفح فكل ما تقوم به الولايات المتحدة متناقض ولا ينطبق على الحقائق التي تشاهد بالعين المجردة ..
إسرائيل ترتكب أبشع المجازر بحق الفلسطينيين بدعم وتأييد ورعاية أمريكية وبريطانية وسكوت الاتحاد الأوروبي، وانعدام تنفيذ القرارات الدولية.. فمن يا ترى ينهي غطرسة هذه الدويلة الفاشية؟..
بعد أن تحدت كل الأمم وكل القرارات برعاية واضحة وجلية من الأم أمريكا ولن تنهي غطرستها طالما الأم راضية وإن هي اجتاحت رفح فقل وداعاً للسلم العالمي الذي يتحدثون عنه وستقوم كوارث تلو الكوارث ولن يخيم السلام على العالم في ظل هذا الانكفاء والخور الدولي وخضوع كل المنظمات الدولية وأولها منظمة الأمم المتحدة وأركانها وفروعها ليبقى الميدان لدويلة فاشية صهيونية واحدة وهنا أتذكر قول الرئيس الكوبي الراحل (فيدل كاسترو Fidel Castro ) عن أمريكا والانتخابات الأمريكية في عام 1960م عندما سئل أيهما تفضل نيكسون أم كيندي؟ فقال: لا يمكن المقارنة بين حذاءيين يرتديهما نفس الشخص.
أمريكا لا يحكمها إلا حزب واحد هو الحزب الصهيوني وله جناحان؛ فالجناح الجمهوري يمثل القوة الصهيونية المتشددة والجناح الديموقراطي يمثل القوة الناعمة الصهيونية.. لا يوجد فرق في الأهداف والإستراتيجيات أما الوسائل والأدوات فهي تختلف قليلاً تمنح كل رئيس نوعاً من الخصوصية ومساحة للحركة.. لقد أبدع في الوصف وهذا ما نراه اليوم من تقلب السياسة الأمريكية ودعمها المطلق لكيان غاصب محتل.. وقل وداعاً للعدل والسلام فلم يعد لهما مكان في ظل التصرفات الأمريكية المتناقضة.